للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما أدرِي وسَوفَ إخَال أَدْرِي ... أَقَوَمٌ آلُ حِصْنٍ أم نِسَاءُ

فعطف النساء على القوم فدل على عدم دخولهن فيهم، وقد دل القرآن العظيم على أن المرأة قد تدخل في اسم القوم بحكم التبع إذا اقترن المقام بما يدل على ذلك، كقوله في ملكة سبأ: {وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (٤٣)} [النمل: الآية ٤٣] وما جرى مجرى ذلك. وهذا معنى قوله: {إِلَاّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ}.

المراد بالميثاق: المهادنة والمعاهدة، وأصل الميثاق في لغة العرب: العهد المؤكد (١)، فكل عهد كان مؤكداً تُسَمِّيهِ العَرَبُ مِيثَاقاً. وعلى هذا فكل مِيثَاقٍ عَهْد، وليس كل عَهْد ميثاقاً. وياء الميثاق مبدلة من واو، ووزنه بالميزان الصرفي (مِفْعَال) وفاؤه واو، وأصله: (موثاق) (٢) كميعاد من الوعد، وميزان من الوزن، وميثاق من الوثوق؛ ولذا يُصَغَّر على (مُوَيْثيق) لأن التصغير يرد العين إلى أصلها. ويُجمع جمع التكسير على (مواثيق) على القياس. وما سمع عن العرب من تكسيره على (مَيَاثِقَ) كقول عياض بن درة الطائي (٣):

حِمًى لا يُحَلّ الدهر إلا بإذننَا ... ولا نسألُ الأقوامَ عقدَ المَيَاثِق

فهو سماع يحفظ ولا يقاس عليه؛ لأنه اعتد بالعارض هنا على غير القياس. وهذا معنى قوله: {فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَاّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ}.


(١) مضى عند تفسير الآية (١٦٩) من سورة الأعراف.
(٢) انظر: معجم مفردات الإبدال والإعلال ص٢٧٣.
(٣) البيت في الخصائص (٣/ ١٥٧)، اللسان (مادة: وثق) (٣/ ٨٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>