{وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} يعني: لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وهذا هو الواعظ الأكبر والزاجر الأعظم الذي كنا نتحدث عنه الآن ونخبر بكثرته في القرآن العظيم لشدة عظم موعظته وزجره لمن كان له قلب. وهذا معنى قوله:{إِلَاّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[الأنفال: الآية ٧٢].
يقول الله (جل وعلا): {وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلَاّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (٧٣)}. هذه الآية الكريمة من الآيات العظام التي يعتبر بها؛ لأن ما ذكره الله (جل وعلا) فيها وما حذر منه من الفتنة والفساد الكبير إن لم يوال المسلمون بعضهم بعضاً، ويقطعوا موالاة الكفار، ويتركوا الكفار بعضهم يوالي بعضاً، ما حذر به من أنهم إن لم يحافظوا على صدق الموالاة بينهم ومقاطعة أعدائهم تقع في الأرض الفتنة والفساد الكبير، فهو واقع منتشر الآن، يدل على عظم هذا القرآن العظيم وأنه كلام رب العالمين، وأن تحذيره حق، وترغيبه حق، والله في هذه الآيات من أخريات سورة الأنفال بَيَّنَ أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، قال في المهاجرين والأنصار:{أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} وهم في ذلك الوقت سادات المسلمين جميعاً في أقطار الدنيا؛ لأنهم هم الأغلبية والكثرة التي فيها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.