للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: آية ١] صادق بمن لهم عهد غير مؤقت، وعهد مؤقت بأقل من أربعة أشهر، وعهد مؤقت بأكثر منها إن خيفت منهم الخيانة، بقي قسم واحد هو الآتي استثناؤه مرتين وهو من كان له عهد مؤقت معين محدد بوقت معين أكثر من أربعة أشهر، وهو ثابت على عهده لم ينقض ولم يخف منه نقض لثبوته على عهده، فهؤلاء باقون على عهدهم على التحقيق الذي لا شك فيه. وما قاله بعض العلماء من نقض عهودهم جميعاً؛ خلاف التحقيق؛ لأن الله يقول: {إِلَاّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: آية ٤] ويقول: {إِلَاّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ} [التوبة: آية ٧] كما سيأتي إيضاحه؛ لأن المراد بالذين عاهدوه عند المسجد الحرام عند الحديبية وأُطلق عليها: «المسجد الحرام» قال بعض العلماء: لأن بعضها الذي وقعت فيه المعاهدة كان من الحرم، والمسجد يطلق غالباً على جميع الحرم، وسيأتي هناك -إن شاء الله- أن هؤلاء الذين عاهدوا دخل فيهم قبائل من كنانة مع قريش، وأن الذي غدر: بنو الديل من كنانة فقط وقريش، وبقية قبائل كنانة الأخرى ثابتة على عهدها. وهذا معنى قوله: {إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: آية ١].

ثم هنا التفات من الغيبة إلى الخطاب، أي فقولوا للذين عاهدتم من المشركين: سيحوا في الأرض أربعة أشهر (سيحوا في الأرض) معناه: اذهبوا في أرض الله مقبلين ومدبرين حيث ما أردتم، وأين أحببتم أن تتوجهوا، آمنين لا خوف عليكم، لا ينالكم منا سوء؛ لأنها أشهر أمان وإمهال لا ينالكم منا فيها سوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>