للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ينقصوكم شيئاً، وكان بعض العلماء يقولون (١): هؤلاء أهل مكة، ومعلوم أن أهل مكة نقضوا. والتحقيق أنها في قبائل من كنانة بقوا على عهدهم ولم ينكثوا فأُمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يفي لهم بعهدهم حتى تنتهي مدتهم، ومعلوم أن صلح الحديبية قد عاهد النبيّ فيه قبائل من كنانة، ذكرنا أن منهم بني الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وبني ضمرة، وبني مدلج، وبني جذيمة بن عامر، وقد قَدَّمْنَا في تفسير سورة النساء في الكلام على قوله تعالى: {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً (٨٩) إِلَاّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ} [النساء: الآيتان ٨٩، ٩٠] إن هؤلاء القوم الذين بينكم وبينهم ميثاق الذين شرطوا أن من وصل إليهم فحكمه كحكمهم، منهم هلال بن عويمر الأسلمي، وسراقة بن مالك بن جعشم حيث عقد العهد لبني مدلج مع النبي صلى الله عليه وسلم، وبنو جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة، فهؤلاء القبائل كانت أربع قبائل من كنانة، وكان غيرهم عقد ذلك، كبني أسلم عقد لهم الصلح هلال بن عويمر الأسلمي، فهؤلاء لم ينقضوا.

وجرى على ألسنة علماء التفسير (٢) أنه في هذه الآية الكريمة وهي قوله: {إِلَاّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: آية ٤] وفي الآية الآتية: {إِلَاّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ} [التوبة: آية ٧] يقولون: هؤلاء الذين ثبتوا وأُمر النبي أن يفي لهم بعهدهم حتى تَنْقَضِيَ مدتهم هم خصوص بَنِي ضَمْرَة


(١) انظر: ابن جرير (١٤/ ١٣٣).
(٢) انظر: القرطبي (٨/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>