من قبائل بكر بن عبد مناة بن كنانة، ومنهم عمرو بن أمية الضمري المشهور. والتحقيق أن قبائل كنانة لم يُعرف أنه نقض منهم العهد إلا بنو الديل هم وقريش، أما قبائلهم الأخرى كَبَنِي جذيمة بن عامر وبني مدلج وبني ضمرة فلا يعلم أنهم نقضوا عَهْدَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وإن جرى على ألسنة العلماء أنها في خصوص بني ضمرة دون غيرهم من قبائل كنانة، ومعنى الآية الكريمة: هذا الحكم الذي ذكرنا من نقض العهود وتأجيلهم أربعة أشهر فقط، كل هذا في جميع المعاهدين {إِلَاّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً}{لَمْ يَنقُصُوكُمْ} من الشروط التي اشترطتم عليهم شيئاً، ولم يخيسوا بشيء من عهدكم، ولم ينقصوكم مالاً ولا نفساً ولا دماً، بل ثَبَتُوا على عهدهم ولم ينقضوا، ولم يظاهروا عليكم أحداً، ولم يعينوا عليكم أحداً كقريش الذين أعانوا بني الديل بن بكر على خزاعة {فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ} ولا تعدوا عليهم حتى ينتهي عهدهم كاملاً إلى مدتهم التي اتفقتم أنتم وهم عليها أنها مدة الصلح والمهادنة بينكم حتى تنقضي.
قال بعض العلماء: كان وقت نزول هذه البراءة بقي من عهد هؤلاء تسعة أشهر، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يفي لهم بها (١). وهذا معنى قوله:{فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}[التوبة: آية ٤] ومن المتقين الذين يوفون بعهدهم ولا ينقضونه، فَدَلَّتِ الآيَةُ على أن الوفاء بالعهود وعدم النكث والنقض أنه من تقوى الله (جل وعلا) وهو كذلك.