للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد قدمنا في هذه الدروس مراراً (١) أن المتقين جمع تصحيح للمتقي، وأن أصل هذه المادة من (وقى)، ففاء هذه المادة واو، وعينها قاف ولامها ياء. مادة التقوى فاؤها واو، وعينها قاف، ولامها ياء، فهي مما يسميه الصرفيون «اللفيف المفروق» هذا أصلها، إلا أنها دخلها تاء الافتعال كما تقول في قرب: اقترب، وفي كسب: اكتسب، وفي قطع: اقتطع، وفي «وقى» اوتقى.

والقاعدة المقرَّرَة في التصريف: أن كل فعل (مثال) -أعني معتل الفاء بالواو- إذا دخله تاء الافتعال وجب إبدال الواو تاء، وإدغام التاء في التاء، فقيل فيها: «اتقى» هكذا (٢).

وأصل الاتِّقَاء في لغة العرب (٣): هو أن تتخذ وقاية تكون بينك وبين ما تَكْرَهُهُ فَتَقِيكَ منه. تقول العرب: اتقيت الرمضاء بنعلي، واتقيت السيوف بمجني، ومنه قول نابغة ذبيان (٤):

سَقَطَ النَّصِيْفُ ولم تُرِدْ إسْقَاطَهُ ... فَتَنَاولتْهُ وَاتَّقَتْنَا بِالْيَدِ

أي: جَعَلَتْ يَدَهَا وقايَةً بَيْنَنَا وبَيْنَ وَجْهِهَا. وتفسير من قال: (اتقتنا: استقبلتنا) تفسير بالمعنى الإجمالي لا بالحقيقة. وهذا أصله معنى التقوى.

وهي في اصطلاح الشَّرْعِ: أن يجعل العبد وقاية بينه وبين عذاب رَبِّه، هذه الوقاية مركبة من شيئين هما: امتثال أمر الله، واجتناب نهي الله (٥)، والوفاء بالعهود من ذلك؛ لأن الوفاء بالعهود امتثال لأمر الله،


(١) مضى عند تفسير الآية (٤٨) من سورة البقرة.
(٢) السابق.
(٣) السابق.
(٤) السابق.
(٥) مضى عند تفسير الآية (٤٨) من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>