للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة: آية ٦] وقال: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ} [آل عمران: آية ١٨٦]. وقال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ} [المائدة: آية ٨٢] فَدَلَّت هذه الآية على المغايرة بين المشركين وأهل الكتاب، والتحقيق أنَّ الكتابيين نوعٌ من المشركين، وقد أوضح الله في هذه السورة الكريمة أنَّ أهل الكتاب من المشركين حيث قال فيهم: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلَاّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً لَاّ إِلَهَ إِلَاّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)} [التوبة: آية ٣١] فَصرّح تعالى بأنهم مُشْرِكُونَ إلا أنّهم نوعٌ خاصٌّ من المشركين، ربما أُدخِل في عمومهم، وربما أُفرد منهم، كأنَّه غيرُ داخلٍ فيهم؛ للفوارق التي بين الكتابيين وعبَدَة الأصنام كما هو معروف، وهذا معنى قوله: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [التوبة: آية ٥].

قال بعض العلماء: يؤخذ من عموم هذه الآية أنَّ المسلم لَوْ قدر على اغتيال الحربي لجاز له أن يغتاله.

وأخذ بعض العلماء من هذا قالوا: إذا لم يُقدر عليهم إلا بالقتل بالنار كالضرب بمنجنيق من بعيدٍ ونحو ذلك، أنَّ هذا يتناوله العُمُوم (١). وبعض العلماء يقول: هذا مُثْلة، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن المُثلة (٢).

وهذا معنى قوله: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ}


(١) انظر: السابق (٨/ ٧٢).
(٢) أخرجه البخاري في الذبائح والصيد، باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمُجثَّمة، حديث رقم: (٥٥١٦) (٩/ ٦٤٣) من حديث عبد الله بن يزيد (رضي الله عنه).

وأخرجه في المغازي (باب قصة عُكْل وعُرَيْنَة) عن قتادة -بلاغاً- «بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك كان يحث على الصدقة ويَنْهَى عن المثْلة». وقد وصله الحافظ (رحمه الله) في الْفَتْحِ (٧/ ٤٥٩).
وفي الباب أحاديث كثيرة رواها جماعة من الصحابة منهم: يعلى بن مرة، والمغيرة بن شعبة، وعمران بن حصين، والحكم بن عمير، وعابد بن قرط، وعليّ بن أبي طالب، وأبو أيوب الأنْصَارِيّ، وابن عمر، وزيد بن خالد، وأسماء بنت أبي بكر، وعمر بن الخطاب، وغيرهم (رضي الله عنهم أجمعين).

<<  <  ج: ص:  >  >>