الْمُسْتَقِيمَ} [الأعراف: آية ١٦] وهذا معنى: {وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ}: اقتلوهم أولاً، وأْسروهم، وحاصروهم في معاقلهم وأماكنهم، وخذوا عليهم الطرق، وارصدوا لهم فيها لتأخذوهم.
وهذه أوامرُ من الله بأنه يُبذل في التضييق على المشركين وقتلهم وأخذهم كل غاية المجهود. وهذا معنى قوله:{وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ}.
{فَإِن تَابُواْ} من كُفْرِهِمْ وَرَجَعُوا عن شِرْكِهِمْ {وَأَقَامُواْ الصَّلَاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ} أقاموا صلاة المسلمين {وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ} وهي الحقوق الواجبة عليهم في الأموال، فالصلاة والزكاة معروفتان، وإقامة الصلاة: هي الإتيان بها على وجهها الأكمل من مراعاة أركانها، وشروطها، وسننها، وصلاتها في الجماعات، وأوقاتها، إلى غير ذلك. وإقامة الزكاة: هي إعطاء الواجب من الأنْصِبَاء التي بيَّنَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم. إذا فعلوا هذا كله، بأن تابوا من شركهم، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة {فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ} السبيل (١) في اللغة: الطريق. والتخلية: معناه الترك. فمعنى {فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ} اتركوا طريقهم لا تقعدوا عليها، والعرب تقول: خَلِّ سبيل فلان. أي: اترك له الطريق، ولا تقعد له في طريقه، ولا تتعرض له. فإذا خَلَّيت له طريقه يمر ويذهب بها كيف شاء، معناه: أنك لم تتعرض له، وهذا معروف في كلام العرب كثيرٌ مبتذل، يقولون: خَلِّ سبيله، أي: اتْرُكْه ولا تَتَعَرَّضْ لَهُ؛ لأن سبيله: طريقه الذي يمشي بها، فإذا لم تقعد له فيها ولم تتعرض له فقد تركته يذهب ويقبل ويدبر من غير أن تتعرض له،