المحققين أنه إذا لم يخش تغيره، ينبغي انتظاره مائة أو أربعين رجي حضورهم قريبا، للحديث.
وفي مسلم: ما من مسلم يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له، إلا شفعوا فيه ولو صلي عليه فحضر من لم يصل، ندب له الصلاة عليه، وتقع فرضا، فينويه، ويثاب ثوابه.
والافضل له فعلها بعد الدفن، للاتباع.
ولا يندب لمن صلاها - ولو منفردا - إعادتها مع جماعة.
فإن أعادها وقعت نفلا.
وقال بعضهم: الاعادة خلاف الاولى.
(وتصح) الصلاة (على) ميت (غائب) عن بلد، بأن يكون الميت بمحل بعيد عن البلد بحيث لا ينسب
ــ
وقضيته أن التأخير له ليس بواجب.
اه.
(قوله: واختار بعض المحققين إلخ) مقابل لقوله: ولا يندب تأخيرها الخ.
وعبارة التحفة مع الأصل: ولا تؤخر - أي ولا يندب التأخير - لزيادة مصلين - أي كثرتهم - وإن نازع فيه السبكي، واختار - وتبعه الأذرعي والزركشي وغيرهما - أنه إذا لم يخش تغيره: ينبغي انتظار مائة أو أربعين رجي حضورهم قريبا، للحديث.
اه.
وفي ع ش: جرت العادة الآن بأنهم لا يصلون على الميت بعد دفنه، فلا يبعد أن يقال: يسن انتظارهم، لما فيه من المصلحة للميت، حيث غلب على الظن أنهم لا يصلون على القبر، ويمكن حمل كلام الزركشي عليه.
اه.
(قوله: للحديث وفي مسلم الخ) صنيعه يقتضي أن المراد بالحديث غير الحديث الذي ذكره بعده.
وصنيع التحفة يقتضي أنه هو، لأنه ذكر أولا ما في مسلم، ثم بعد ذلك أحال عليه وقال للحديث، يعني المتقدم ذكره.
ولعل في العبارة سقطا من النساخ، وهو لفظ وهو ما، أو أن المراد بالحديث حديث آخر غير حديث مسلم.
فلينظر.
(قوله: ما من مسلم يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة الخ) قال في التحفة: وفيه - أي مسلم - مثل ذلك في الأربعين.
اه.
وعبارة المغني: وفي مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يؤخر الصلاة للأربعين.
قيل: وحكمته: أنه لم يجتمع أربعون إلا كان لله فيهم ولي.
وحكمة المائة كالأربعين - كما يؤخذ من الحديث المتقدم.
اه.
(قوله: ولو صلي عليه) أي على الميت.
(قوله: فحضر من لم يصل) أي فحضر شخص لم يصل على الميت.
(قوله: ندب له الصلاة عليه) أي يندب لمن حضر
أن يصلي على الميت.
(قوله: وتقع فرضا) أي وتقع صلاته فرضا، ولو على القبر، كمن صلى أولا.
إذ ليس فعل بعضهم أولى بوصف الفرضية من بعض، وإن أسقط الأول الحرج.
ولا يقال: كيف تقع صلاة الثاني فرضا، مع أنه لو تركها لم يأثم، لأنه قد يكون الشئ غير فرض، فإذا دخل فيه صار فرضا - كالحج ممن قد حج، وإحدى خصال كفارة اليمين -.
وقولهم فرض الكفاية يسقط بفعل واحد: معناه يسقط الإثم به.
ولو فعله غيره: وقع فرضا أيضا.
(قوله: فينويه) أي الفرض.
(قوله: ويثاب ثوابه) أي ويثاب كما يثاب على الفرض.
(قوله: والأفضل له) أي لمن حضر.
(قوله: فعلها) أي الصلاة.
(وقوله: بعد الدفن) أي وبعد وجوب الصلاة عليه من الذين حضروا أولا، كما هو ظاهر.
(قوله: للاتباع) وهو ما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبور جماعة.
ومعلوم أنهم إنما دفنوا بعد الصلاة عليهم.
ومن هذا أخذ جمع أنه يسن تأخيرها عليه إلى بعد الدفن.
اه.
تحفة.
(قوله: ولا يندب الخ) قال ع ش: فتكون مباحة.
اه.
(قوله: إعادتها مع جماعة) وبالأولى عدم ندب إعادتها منفردا.
وإنما لم تندب إعادتها لأن المعاد نفل، وهذه لا يتنفل بها، لعدم ورود ذلك شرعا.
وقيل: تندب له الإعادة، كغيرها.
(قوله: فإن أعادها وقعت نفلا) أي ووجب لها نية الفرضية.
قال في النهاية: وهذه خارجة عن القياس، إذ الصلاة لا تنعقد حيث لم تكن مطلوبة، ويوجه انعقادها بأن المقصود من الصلاة على الميت الشفاعة والدعاء، وقد لا تقبل الأولى وتقبل الثانية.
اه.
(وقوله: وقال بعضهم الخ) مقابل لما يفهم من التعبير بعدم الندب، وهو الإباحة - كما مر آنفا عن ع ش - وصنيعه يقتضي أن قول بعضهم المذكور ضعيف.
وعبارة شرح الروض تفهم أنه معتمد، ونصها: قال في المهمات: وفي التعبير بقوله ولا تستحب إعادتها: قصور، فإن الإعادة خلاف الأولى.
ولا يلزم من نفي الاستحباب أولوية الترك، لجواز التساوي.
ولهذا عبر في المجموع بقوله لا يستحب له الإعادة، بل يستحب له تركها.
اه.
(قوله: وتصح الصلاة على ميت غائب) أي وإن قربت المسافة ولم يكن في جهة القبلة، خلافا لأبي حنيفة ومالك.
قال الزركشي: لانه - صلى الله عليه وسلم - أخبر الناس وهو بالمدينة.
بموت النجاشي في اليوم الذي مات فيه وهو بالحبشة، وصلى عليه هو وأصحابه.
رواه الشيخان.
وذلك في رجب سنة تسع.
قال ابن القطان: لكنها