للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفُ بِكِرْدَوْسَ الطُّوسِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَسْلَمَ الطُّوسِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: " لَمْ تَعْرُجْ كَلِمَةٌ إِلَى السَّمَاءِ أَعْظَمُ وَلَا أَخْبَثُ مِنْ ثَلَاثٍ: أَوَّلُهُنَّ قَوْلُ فِرْعَونَ، حَيْثُ قَالَ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى، وَالثَّانِيَةُ: قَوْلُ بِشْرٍ الْمِرِّيسِيِّ، حَيْثُ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، وَالثَّالِثَةُ: قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ كَرَّامٍ، حَيْثُ قَالَ: الْمَعْرِفَةُ لَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ ".

وَاعْلَمْ يَا أَخِي، وَفَّقَكَ اللَّهُ لِلْخَيْرَاتِ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ كَرَّامٍ، كَانَ مِنْ نَوَاحِي سِجِسْتَانَ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: الْحَرْوَى، وَكَانَ يَتَعَبَّدُ وَيُظْهِرُ الزُّهْدَ وَالتَّقَشُّفَ، وَالتَّخَلِّي وَالتَّقَلُّلَ، وَذَلِكَ فِي أَصْحَابِهِ إِلَى الْيَوْمِ حَيْثُ كَانُوا مِنْ أَرْضِ خُرَاسَانَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ، وَأَكْثَرُ ظُهُورِهِمْ بِنَيْسَابُورَ وَأَعْمَالِهَا، وَبِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ قَدْ عَكَفُوا عَلَى قَبْرِهِ، مَالَ إِلَيْهِمْ كَثِيرٌ مِنَ الْعَامَّةِ لِاجْتِهَادِهِمْ، وَظَلْفِ عَيْشِهِمْ، وَكَانَ يَقُولُ: الْإِيمَانُ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ، وَالْمَعْرِفَةُ لَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ بِاللِّسَانِ مُجَرَّدٌ عَنْ عَقْدِ الْقَلْبِ، وَعَمَلِ الْأَرْكَانِ، فَمَنْ أَقَرَّ بِلِسَانِهِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، فَهُوَ مُؤْمنٌ حَقًّا، وَإِنِ اعْتَقَدَ بِقَلْبِهِ الْكُفْرَ وَالتَّثْلِيثَ، وَضَيَّعَ جَمِيعَ قَوَانِينِ الشَّرِيعَةِ وَتَرَكَهَا، وَأَتَى كُلَّ فَاحِشَةٍ وَكَبِيرَةٍ وَارْتَكَبَهَا، إِلَّا أَنَّهُ مُقِرٌّ بِلِسَانِهِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، فَهُوَ مُؤِمِنٌ مُوَحِّدٌ، وَلِيَ اللَّهَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَنْ لَا تَضُرُّهُ سَيَّئَةٌ مَعَ إِقْرَارِهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، كَمَا لَا تَنْفَعُهُ سُنَّةٌ مَعَ إِظْهَارِ الشِّرْكِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَزِمَهُمْ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ مُؤْمِنُونَ حَقًّا، وَقَدْ أَكْذَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي غَيْرِ مَوْضُوعٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>