للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ كِتَابِهِ، وَحَقَّقَ أَنَّهُ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا، وَذَكَرَ: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} [النساء: ١٤٥] ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الْمَنْصُوصِ الْوَارِدِ فِيهِمْ.

وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ: تُسَمَّى الْمُهَاجِرِيَّةُ، تَقُولُ بِالتَّجْسِيمِ، وَأَنَّ اللَّهَ جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ، وَتَقُولُ: إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَجُوزُ مِنْهُمْ كَبَائِرُ الْمَعَاصِي كُلُّهَا إِلَّا الْكَذِبَ فِي الْبَلَاغِ، لَا يَسْتَثْنُونَ زِنًا، وَلَا سَرِقَةَ، وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ.

وَقَالُوا: لَا يُوصَفُ اللَّهُ بِالْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِ مَا فَعَلَ، وَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِفْنَاءِ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ، حَتَّى يَبْقَى وَحْدَهُ كَمَا لَمْ يَزَلْ.

وَيُجَوِّزُونَ كَوْنَ إِمَامَيْنِ وَأَكْثَرَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَلَهُمْ حَمَاقَاتٌ غَيْرَ ذَلِكَ لَا يَسْتَحِلُّ الْمُسْلِمُ التَّلَفُّظَ بِهَا، فَصَارَ لَهُ تَبَعٌ كَثِيرٌ، وَجَمْعٌ كَبِيرٌ، فَرُفِعَ أَمْرُهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَمِيرِ سِجِسْتَانَ، فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَرَ بِإِحْضَارِهِ، فَجَاءَ لَابِسًا مُسَبِّحًا مُعَلِّقًا سِبْحَةً بِيَدِهِ مَعَهُ أَصْحَابُهُ، عَلَيْهِمُ الْبَرَانِسُ، فَفَاوَضَهُ فَوَجَدَهُ مُبْتَدِعًا ضَالًّا، فَقَالَ لِوُزَرَائِهِ: مَا أَعْمَلُ فِي بَابِهِ؟ فَأشَارُوا بِقَتْلِهِ، قَالَ: لَسْتُ أَرَى ذَلِكَ، إِنَّهُ شَهَّرَ نَفْسَهُ بِالزُّهْدِ، فَلَا أُحِبُّ أَنْ يُحَدَّثَ عَنِّي: أَنِّي قَتَلْتُ زَاهِدًا.

قَالُوا: مَا الرَّأْيُ لِلْأَمِيرِ؟ فَقَالَ: إِنِّي أَرَى أَنْ أَنْفِيَهُ مِنْ هَذَا الْإِقْلِيمِ، وَأُطَهِّرَ مَمْلَكَتِي مِنْهُ وَمِنْ أَصْحَابِهِ، وَيَتَوَلَّى قَتْلَهُ غَيْرِي، فَعَزَمَ عَلَيْهِ عَزِيمَةً أَنْ لَا يُقِيمَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ مَمْلَكَتِهِ، وَأَنَّهُ مَتَى رُؤِيَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ بِلَادِهِ عَابِرُ سَبِيلٍ، فَقَدْ أَهْدَرَ دَمَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>