فَخَرَجَ مِنْ نَاحِيَةِ سِجِسْتَانَ بِأَصْحَابِهِ، وَامْتَدَّ إِلَى أَرْضِ نَيْسَابُورَ، فَاسْتَقْبَلَهُ أَهْلُهَا بِالرَّحْبِ، وَتَمَسَّحُوا بِهِ، وَقَبِلُوهُ أَحْسَنَ قَبُولٍ، عَظُمَتِ الْفِتْنَةُ عَلَى الْخَاصَّةِ، وَأَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ، وَأَعْيَاهُمْ أَمْرُهُ، فَاجْتَمَعُوا إِلَى أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَكَانَ شَيْخَ الْوَقْتِ غَيْرَ مُدَافِعٍ، وَإِمَامًا فِي سَائِرِ الْعُلُومِ الدِّينِيَّةِ، وَكَانَ السَّامَّانِيُّ مَلِكَ الشَّرْقِ، يَكْتُبُ إِلَيْهِ: إِمَامُ الْأَئِمَّةِ وَحَبْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَحِينَ اسْتَفْحَلَ أَمْرُ ابْنِ كَرَّامٍ، وَانْتَشَرَ قَوْلُهُ فِي أَعْمَالِ نَيْسَابُورَ، كَاتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّلْطَانَ، وَأَنَّ الْبَلِيَّةَ قَدْ عَظُمَتْ عَلَى الْعَامَّةِ بِهَذَا الرَّجُلِ، وَأَمْرُهُ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ انْتِشَارًا، فَكَتَبَ السُّلْطَانُ إِلَى نَائِبِهِ بِنَيْسَابُورَ: أَنْ يَمْتَثِلَ جَمِيعَ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَلَا يُخَالِفُهُ فِي شَيْءٍ يُشِيرُ إِلَيْهِ، فَجَمَعَ أَهْلَ الْعِلْمِ وَاسْتَشَارَهُمْ، فَقَالَوا: لَيْسَ نَجِدُ رَأْيًا أَرْشَدَ مِنْ رَأْيِ الْأَمِيرِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُصَيْنِ فِي إِخْرَاجِهِ مِنَ النَّاحِيَةِ، فَأَمَرَ الْأَمِيرُ بِإِخْرَاجِهِ، فَخَرَجَ مَعَهُ مِنْ أَمَاثِلَ نَيْسَابُورَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، قِيلَ: ثَمَانِ مِائَةٍ كَنِسِيَّةٍ مِنْ جَلَّةِ النَّاسِ غَيْرَ التُّبَعِ، وَامْتَدَّ عَلَى حَالِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَسَكَنَ هُنَاكَ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَبِهَا قَبْرُهُ، يُقْصَدُ وَيُزَارُ مِنْ خُرَاسَانَ، وَغَيْرِهَا
٢٧٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute