للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعروف كان أعلى درجة من الفقير الذي سبقه في الدخول، ولم يكن له تلك الأعمال، ولا سيما إذا شاركه الغني في أعماله، وزاده عليه فيها، والله لا يُضيع أجر من أحسن عملاً.

فالمزيَّة مزيتان: السبق، والرفعة، وقد يجتمعان وينفردان، فيحصل لواحد السبق والرفعة، ويعدمهما آخر، ويحصل لآخر السبق دون الرفعة، ولآخر الرفعة دون السبق، وهذا بحسب المقتضى للأمرين، أو لأحدهما، وعدمه، وبالله التوفيق (١).

ثانياً: أول من يُقضى عليه يوم القيامة ثلاثة:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن أول من يُقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأُتي به، فعرَّفه نِعَمَهُ فعرَفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدتُ، قال: كذبت، ولكنك قاتلت، لأن يقال جريءٌ، فقد قيل، ثم أُمر به فسُحِبَ على وجهه حتى أُلقي في النار. ورجلٌ تعلَّم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأُتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلَّمتُ العلم، وعلمتُهُ، وقرأتُ فيك القرآن، قال: كذبتَ، ولكنك تعلمتَ العلم ليُقالَ: عالم، وقرأت القرآن ليُقالَ: هو قارئٌ، فقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار، ورجل وسَّعَ الله عليه، وأعطاه من أصناف المال كلِّه، فأُتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركتُ من سبيل تحبُّ أن يُنفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليُقال هو جوادٌ، فقد قيل،


(١) انظر حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح للإمام ابن القيم، ص١٣٤.

<<  <   >  >>