للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يمرّ كالفرس الجواد، ومنهم من يمرّ كركاب الإبل (١)، ومنهم من يزحف زحفاً (٢) حتى يجيء آخرهم يسحب سحباً (٣).

وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله أن الأنوار تقسم دون الجسر على حسب الأعمال، فيُعطَى العبد من النور هناك بحسب قوة نوره، وإيمانه، ويقينه، وإخلاصه، ومتابعته للرسول - صلى الله عليه وسلم - في دار الدنيا، فقال رحمه الله: ((فمنهم من يكون نوره كالشمس (٤)، ودون ذلك كالقمر، ودونه كأشدِّ كوكبٍ في السماء إضاءة، ومنهم من يكون نوره كالسراج في قوّته وضعفه، وما بين ذلك، ومنهم من يُعطَى نوراً على إبهام قدمه يضيء مرة ويطفأ أخرى، بحسب ما كان معه من نور الإيمان في دار الدنيا، فهو هذا النور الذي بعينه أبرزه الله لعبده في الآخرة ظاهراً يُرى عِياناً بالأبصار، ولا يستضيء به غيره، ولا يمشي أحدٌ إلا في نور نفسه، إن كان له نور مشى في نوره، وإن لم يكن له نورٌ أصلاً لم ينفعه نور غيره، ولما كان المنافق في الدنيا قد حصل له نور ظاهر غير مستمر ولا متصل بباطنه، ولا له مادة من الإيمان أُعطي في الآخرة نوراً ظاهراً لا مادة له، ثم يُطفأ عنه


(١) هذه الدرجات الست في صحيح مسلم، كتاب الإيمان، معرفة طريقة الرؤية، ١/ ١٦٩، برقم ١٨٣، قال أبو سعيد الخدري: ((بلغني أن الجسر أدق من الشعر، وأحد من السيف))، مسلم،
١/ ١٧١، رواية الحديث رقم ١٨٣، والبخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ* إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، ٨/ ٢٢٨، برقم ٧٤٣٩.
(٢) من رواية لمسلم، ١/ ١٨٧، برقم ١٩٥.
(٣) من رواية للبخاري، برقم ٧٤٣٩، وانظر: معارج القبول، للشيخ حافظ الحكمي،
٢/ ٨٥٠ - ٨٥٧.
(٤) انظر: مسند الإمام أحمد، ٢/ ٧٧، ٢/ ٢٢٢، وشرح أحمد شاكر للمسند، برقم ٦٦٥٠، ٧٠٧٢.

<<  <   >  >>