للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يزيغ شيء منها عنه)) (١).

ويزيد لك وضوحاً ما بيّنه الإمام القرطبي رحمه الله حيث قال: ((يمكن أن تحمل على ظاهرها، فيكون معنى سؤاله: أن يجعل الله له في كل عضو من أعضائه نوراً يوم القيامة يستضيء به في تلك الظلم، هو ومن تبعه، أو من شاء الله ممن تبعه، والأولى أن يقال: هذه الأنوار هي مستعارة للعلم والهداية، كما قال تعالى: {أَفَمَن شَرَحَ الله صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ} (٢)، وكما قال تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} (٣) أي علماً وهداية))، ثم قال: ((والتحقيق في معنى النور مظهرٌ ما ينسب إليه، وهو يختلف بحسبه، فنور الشمس: مظهرٌ للمبصرات، ونور القلب: كاشفٌ عن المعلومات، ونور الجوارح: ما يبدو عليها من أعمال الطاعات، فكأنه دعا بإظهار الطاعات عليها دائماً، والله أعلم)) (٤).

وذكر الطيبي رحمه الله: أن معنى طلب النور للأعضاء: عضواً عضواً، أن يتحلَّى بأنوار المعرفة والطاعة، ويتعرّى عن ظلمة الجهالة والمعاصي؛ فإن الشياطين تحيط بالجهات الست بالوساوس، فكان التخلص منها بالأنوار السادَّة لتلك الجهات، وكل هذه الأنوار راجعة إلى الهداية، والبيان، وضياء الحق، وإلى مطالع هذه الأنوار يرشد قوله


(١) شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٢٩١، وانظر: فتح الباري، لابن حجر، ١١/ ١١٨.
(٢) سورة الزمر، الآية: ٢٢.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١٢٢.
(٤) المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٢/ ٣٩٥.

<<  <   >  >>