للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهم: علي بن أبي طالب، ومالك، وهو الظاهر من هذا الحديث، وقد عُلِّلَ ذلك بأنه من باب التدليس على النساء؛ وبأنه سواد في الوجه، فيكره؛ لأنه تشبه بسيما أهل النار)) (١)، ثم ذكر رحمه الله جماعة كثيرة من السلف كانوا يخضبون بالسواد، وقال: ((ولا أدري عذر هؤلاء عن حديث أبي قحافة ما هو؟ فأقل درجاته الكراهة كما ذهب إليه مالك)) (٢).

قلت: أما عذر السلف الذين كانوا يخضبون بالسواد، فيحمل على أنه لم يبلغهم حديث النهي الصريح عن الصبغ بالسواد، والله أعلم. وقال الإمام النووي رحمه الله: ((ومذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة بصفرة، أو حمرة، ويحرم خضابه بالسواد على الأصح)) (٣).

ويؤكد اختيار الإمام النووي ومن سلك مسلكه في تحريم الخضاب بالسواد ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة)) (٤)، وسمعت سماحة العلامة الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول عن هذا الحديث: ((إسناده جيد، وهذا يدل على


(١) المرجع السابق، ٥/ ٤١٩.
(٢) المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٥/ ٤١٩.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم، ١٤/ ٣٢٥.
(٤) أبو داود، كتاب الترجل، باب ما جاء في خضاب السواد، ٤/ ٨٧، برقم ٤٢١٢، والنسائي في كتاب الزينة، باب النهي عن الخضاب بالسواد، ٨/ ١٣٨، برقم ٥٠٧٥، وأحمد في المسند،
١/ ٢٧٣، وقال ابن حجر في فتح الباري، ٦/ ٤٩٩: ((إسناده قوي))، وصحح إسناده العلامة الألباني في غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام، وقال: على شرط الشيخين، ص٨٤.

<<  <   >  >>