للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبذلك يحكم هواه على ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وينقاد له ويتبعه.

والقلب الآخر: قلب أبيض قد أشرق فيه نور الإيمان، وأزهر فيه مصباحه، فإذا عرضت عليه الفتن أنكرها، وردّها فازداد نوره، وإشراقه، وقوته؛ ولقوة هذا القلب وشدّته على عقد الإيمان، وسلامته من الخلل شُبِّه بالحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء، فهذا القلب لا تلصق به الفتن ولا تؤثر فيه، بخلاف القلب الأسود المربادّ ((والمربادّ: هو الذي بين البياض والسواد والغبرة، مثل لون الرمادة)) (١)، فهذا القلب قد اسودَّ، وقُلِبَ، ونُكِسَ حتى لا يعلق به خير ولا حكمة، فَشُبِّهَ بالكوز المنحرف الذي لا يثبت فيه الماء، فإنه قد دخل قلبه بكل معصية تعاطاها ظلمة، وإذا صار كذلك افتتن، وزال عنه نور الإسلام، والقلب مثل الكوز فإذا انكبّ انصبّ ما فيه ولم يدخله شيء بعد ذلك (٢).

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((والفتن التي تعرض على القلوب هي أسباب مرضها، وهي فتن الشهوات، وفتن الشبهات، وفتن الغي والضلال، وفتن المعاصي، والبدع: فتن الظلم والجهل، فالأولى: توجب فساد القصد والإرادة، والثانية: توجب فساد العلم والاعتقاد)) (٣)،وقال رحمه الله: ((وقد قسم الصحابة - رضي الله عنهم - القلوب إلى أربعة كما صح عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قوله (٤):


(١) انظر: مشارق الأنوار، للقاضي عياض، ١/ ٢٧٩.
(٢) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ٢/ ٥٣٠ - ٥٣١، وإغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، لابن القيم، ١/ ١٦.
(٣) المرجع السابق، ١/ ١٧.
(٤) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، ١/ ١٧.

<<  <   >  >>