للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث عشر: مذهب أهل السنة والجماعة في كرامات الأولياء]

وأهل السنة يؤمنون بكرامات الأولياء. والكرامة هي خارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوة، فإذا اقترن بدعوى النبوة كان معجزة، ولا يكون الأمر الخارق كرامة إلا لعبد ظاهره الصلاح، ومصحوباً بصحة الاعتقاد والعمل الصالح.

فإذا ظهر الأمر الخارق على يد المنحرفين فهو من الأحوال الشيطانية، وإذا ظهر الأمر الخارق على يد إنسان مجهول لا يعرف حاله فإنَّ حاله يعرض على الكتاب والسنة كما رُوي عن الشافعي أنه قال: إذا رأيتم الرجل يسير على الماء، ويطير في الهواء، فلا تصدقوه حتى تعرضوا حاله على الكتاب والسنة. أو كما قال رحمه الله (١). وأهل السنة يؤمنون ويعتقدون اعتقاداً جازماً بكرامات الأولياء، وما جرى على أيديهم من الخوارق للعادات في العلوم، والمكاشفات، وأنواع القدرة، والتأثير، ومن ذلك قصة أصحاب الكهف، والنوم الطويل الذي أوقعه الله بهم. ومن ذلك ما أكرم الله به مريم بنت عمران من إيصال الرزق إليها وهي في المحراب.

ومن ذلك قول عمر بن الخطاب وهو على المنبر: ((يا سارية الجبل))، ورؤيته لجيش سارية وهو بنهاوند، وسمع سارية مع بُعد المسافة (٢)،


(١) أورده ابن حجر الهيتمي في فتاويه، ٤/ ٢٤٠، وقال: ((ذكره أبو نعيم))، وأورده الشيخ صالح الشامي في كتاب مواعظ الإمام الشافعي، ص ١٩.
(٢) رواه عبد الرزاق، ٢/ ١٣٨، برقم ٢٨٠٦، والبيهقي في دلائل النبوة، برقم ٢٦٥٥، وابن عساكر في تاريخ دمشق، ٢٠/ ٢٤، وحسن إسناد القصة الحافظ ابن حجر في الإصابة، ٢/ ٣، وقال عنها الألباني في السلسلة الصحيحة، ٣/ ١٠١: ((صحيح)).

<<  <   >  >>