للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أواسطه، وفي المغرب من قصاره؛ لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأغلب، ولا بأس أن يقرأ من قصاره في الصبح في السفر والمرض، لكن الأفضل ما تقدم؛ لحديث سليمان ابن يسار عن أبي هريرة - رضي الله عنه - (١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -)) (٢).

وقال الإمام ابن القيم – رحمه الله – في قراءته - صلى الله عليه وسلم - بعد الفاتحة: ((فإذا فرغ من الفاتحة أخذ في سورة غيرها، وكان يطيلها تارة، ويخففها لعارض من سفر أو غيره، ويتوسط فيها غالبًا)) (٣). قلت: الأفضل في ذلك مراعاة فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في جميع الأوقات، والأحوال، والأزمان (٤).


(١) النسائي، برقم ٩٨٣، وأحمد، ٢/ ٣٢٩، وتقدم تخريجه.
(٢) سمعته منه أثناء شرحه على الروض المربع، ٢/ ٣٤.
(٣) زاد المعاد في هدي خير العباد، ١/ ٢٠٩.
(٤) فقد ثبت غير ما تقدم على النحو الآتي:
١ - قرأ في صلاة المغرب بالمرسلات [البخاري، برقم ٧٦٣، ٤٤٢٩، ومسلم، برقم ٤٦٢] والأعراف [البخاري، برقم ٧٦٤] والطور [البخاري، برقم ٧٦٥، ٣٠٥٠، ٤٠٢٣، ٤٨٥٤، ومسلم، برقم ٤٦٣] والدخان [النسائي، برقم ٩٨٨،قال الأرناؤوط في تحقيقه لزاد المعاد،١/ ٢١١: ((ورجاله ثقات وسنده حسن] وقرأ بقصار المفصل [النسائي، برقم ٩٨٣،وذكر الألباني أن الطبراني في الكبير أخرج بإسناد صحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ بالأنفال في الركعتين [صفة الصلاة، ص١١٥].
٢ - وأما في العشاء، فنقل أبو هريرة: إذا السماء انشقت [البخاري، برقم ٧٦٦ - ٧٦٨] والتين والزيتون من حديث البراء [البخاري، برقم ٧٦٧، ٧٦٩، ومسلم، برقم ٤٦٤] ووقت لمعاذ بسبح اسم ربك الأعلى، واقرأ باسم ربك، والليل إذا يغشى، والشمس وضحاها، والضحى، ونحو ذلك [مسلم، برقم ٤٦٥].
٣ - وأما في الفجر فكان يقرأ في الركعتين أو إحداهما ما بين الستين إلى المائة [البخاري، برقم ٥٤٧، ومسلم، ٦٤٧] وتقدم تخريجه، وقرأ المؤمنون [البخاري، كتاب الأذان، باب الجمع بين سورتين في ركعة، والقراءة بالخواتيم، وبسورة قبل سورة، وبأول سورة، ومسلم، برقم ٤٥٥] وقرأ بسورة ق والقرآن المجيد [مسلم، برقم ٤٥٧ - ٤٥٨] وبسورة التكوير [مسلم، برقم ٤٥٦] وبسورة الروم [أحمد، ٣/ ٤٧٢، والنسائي، ٢/ ١٥٦، وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره: ((وهذا إسناد حسن ومتن حسن)) وحسنه الأرناؤوط في تحقيقه لزاد المعاد، ١/ ٢٠٩] وقرأ بسورة إذا زلزلت في الركعتين كلتيهما [أبو داود، برقم ٨١٦، وحسّنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ١/ ١٥٤] وقرأ بسورة الطور في صلاة الصبح عند طواف الوداع لحجة الوداع [البخاري ... تعليقًا] وقرأ بالمعوذتين [أخرجه النسائي من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -،برقم ٩٥٢، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، برقم ٩١٢]، وقرأ بالواقعة ونحوها من السور [صحيح ابن خزيمة، ١/ ٢٦٥، برقم ٥٣١، وصحح إسناده الألباني في صفة الصلاة، ص١٠٦] وكان يقرأ في فجر الجمعة: الم تنزيل السجدة، وهل أتى على الإنسان [البخاري، برقم ٨٩١،ومسلم، برقم ٨٧٩].
٤ - أما في صلاة الظهر فكان يُطوِّلُها أحيانًا لما تقدم فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يتوضأ ثم يدرك الركعة الأولى [مسلم، ٤٥٤ وتقدم] وأحيانًا يقرأ بقدر قراءة ((ألم* تنزيل)) السجدة في الركعتين الأوليين، وفي الركعتين الأخريين قدر النصف من ذلك، وأحياناً يقرأ في الركعتين الأوليين بقدر ثلاثين آية في كل ركعة، والركعتين الأخريين بقدر خمس عشرة آية في كل ركعة [مسلم، برقم ٤٥٢، وأحمد، ٣/ ٨٥]، وقرأ الليل إذا يغشى [مسلم، برقم ٤٥٩]، وسبح اسم ربك الأعلى [مسلم، برقم ٤٦٠]، وكان يقرأ بالسماء والطارق، والسماء ذات البروج، ونحوهما من السور [أبو داود، برقم ٨٠٥، والترمذي، برقم ٣٠٧، والنسائي، ٢/ ١٦٦، برقم ٩٧٩، وصححه الألباني في صحيح النسائي، ١/ ٢١٢، برقم ٩٣٥] وفي صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقون [مسلم، برقم ٨٧٩]، أو بسبح والغاشية [مسلم، برقم ٨٧٨]، أو بالجمعة والغاشية [مسلم، برقم ٦٣ (٨٧٨)].
٥ - أما صلاة العصر فقد تقدم أنه قرأ في الأوليين بقدر نصف ((ألم* تنزيل)) السجدة، وفي لفظ أنه قرأ بقدر خمس عشرة آية في كل ركعة [مسلم، برقم ٤٥٢، وأحمد،
٣/ ٨٥ وتقدم] وكان يقرأ بالسماء والطارق، والسماء ذات البروج ونحوهما من السور [أبو داود، برقم ٨٠٥ والترمذي، برقم ٣٠٧، والنسائي، برقم ٩٧٩، وتقدم] وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله - ((والعصر فعلى النصف من قراءة الظهر إذا طالت وبقدها إذا قصرت)) [زاد المعاد، ١/ ٢١٠].
٦ - أما الأعياد فكان - صلى الله عليه وسلم - يقرأ فيها بـ ((ق)) و ((اقتربت)) [مسلم، برقم ٨٩١]، أو بسبح والغاشية [مسلم، برقم ٨٧٨]، فهذه سنته - صلى الله عليه وسلم -، ومع ذلك فقد أمر بالتخفيف؛ لأن في الناس: [((الصغير، والكبير، والضعيف، والمريض، وذا الحاجة))] [مسلم، برقم ٤٦٦] ((فإذا صلى وحده فليصلِّ كيف شاء)) [مسلم، برقم ٤٦٧] وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إني لأدخل في الصلاة أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأخفف من شدة وجدِ أمه)) [مسلم، برقم ٤٧٠]، فالتخفيف أمر نسبي يرجع إلى ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وواظب عليه لا إلى شهوة المأمومين، وهديه الذي كان واظب عليه هو الحاكم على كل ما تنازع فيه المتنازعون، ويدل عليه ما رواه النسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بالتخفيف ويؤمُّنا بالصافات)) [النسائي، ٢/ ٩٥، برقم ٨٢٦]، وصححه الأرناؤوط في تحقيق زاد المعاد، ١/ ٢١٤، قال ابن القيم - رحمه الله -: ((فالقراءة بالصافات من التخفيف الذي أمر به والله أعلم)) ١/ ٢١٤. ((وكان يُطوّل الأوليين ويقصر الأخريين من كل صلاة)) [البخاري، ٧٧٠، ومسلم، ٤٥٣].
عن السعدي عن أبيه أو عن عمه قال: رمقتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاته، فكان يتمكن في ركوعه وسجوده قدر ما يقول: ((سبحان الله وبحمده ثلاثاً)). أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب مقدار الركوع والسجود، برقم ٨٨٥، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ١/ ٢٥٠.
وعن سعيد بن جبير قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ما صليت وراء أحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا الفتى - يعني عمر بن عبد العزيز - قال: فحزرنا في ركوعه عشر تسبيحات، وفي سجوده عشر تسبيحات. سنن أبي داود، برقم ٨٩٦، والنسائي، برقم ١١٣٥، ٢/ ٢٢٤، وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود، ص ٧٢. وأحمد، برقم ١٢٦١، ٢٠/ ١٠٠، وضعفه المحققون، لكن قول أنس: ((ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا الغلام - يعني عمر بن عبد العزيز)) روي بأسانيد يرتقي بعضها إلى الصحة. قاله المحققون لمسند أحمد، ٢٠/ ١٠٠، وصححه الألباني في صحيح النسائي، ١/ ٣٢٢ ((ما صليت وراء إمام أشبه صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إمامكم هذا)) قال زيد بن أسلم، وكان عمر بن عبد العزيز يتم الركوع والسجود، ويخفف القيام والقعود.

<<  <   >  >>