للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحلم: ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب (١).

والحلم: هو حالة متوسطة بين رذيلتين: الغضب، والبلادة، فإذا استجاب المرء لغضبه بلا تعقل ولا تبصر كان على رذيلة، وإن تبلد، وضيع حقه ورضي بالهضم والظلم كان على رذيلة، وإن تحلى بالحلم مع القدرة، وكان حلمه مع من يستحقه كان على فضيلة.

وهناك ارتباط بين الحلم وكظم الغيظ، وهو أن ابتداء التخلق بفضيلة الحلم يكون بالتحلم: وهو كظم الغيظ، وهذا يحتاج إلى مجاهدة شديدة، لما في كظم الغيظ من كتمان ومقاومة واحتمال، فإذا أصبح ذلك هيئة راسخة في النفس، وأصبح طبعاً من طبائعها كان ذلك هو الحلم، واللَّه أعلم (٢).

وقد وصف اللَّه نفسه بصفة الحلم في عدة مواضع من القرآن الكريم، كقوله تعالى: {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (٣).

ونلاحظ أن الآيات التي وصفت اللَّه بصفة الحلم قد قرنت صفة

الحلم - في أغلب هذه الآيات - بصفة المغفرة أو العفو، ويأتي هذا الاقتران في الغالب بعد إشارة سابقة إلى خطأ وقع، أو تفريط


(١) المفردات في غريب القرآن، للراغب الأصفهاني، مادة حلم، ص١٢٩.
(٢) انظر: مفردات غريب القرآن، ص١٢٩، وأخلاق القرآن للشرباصي، ١/ ١٨٢، والأخلاق الإسلامية لعبد الرحمن الميداني، ٢/ ٣٢٦.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٥٥.

<<  <   >  >>