٨ - والحُكْمُ: هو المنع من الظلم، وسميت حكمة الدابة، لأنها تمنعها، يقال: حكمت الدابة وأحكمتها، ويقال: حكمت السفيه وأحكمته: إذا أخذت على يديه، والحكمة هذا قياسها؛ لأنها تمنع من الجهل، وتقول: حكمت فلاناً تحكيماً: منعته عما يريد (١).
ومما تقدم يتضح ويتبين أن الحكمة يظهر فيها معنى المنع، فقد استعملت في عدة معان تتضمن معنى المنع:
فالعدل: يمنع صاحبه من الوقوع في الظلم.
والحلم: يمنع صاحبه من الوقوع في الغضب.
والعلم: يمنع صاحبه من الوقوع في الجهل.
والنُّبُوّة، والقرآن، والإنجيل: فالنبي إنما بُعِثَ لمنع من بعث إليهم من عبادة غير اللَّه، ومن الوقوع في المعاصي والآثام، والقرآن والإنجيل وجميع الكتب السماوية أنزلها اللَّه تتضمن ما يمنع الناس من الوقوع في الشرك وكل منكر وقبيح.
ومن فسر الحكمة بالمعرفة فهو مبني على أن المعرفة الصحيحة فيها معنى المنع، والتحديد، والفصل بين الأشياء، وكذلك الإتقان، فيه منع للشيء المتقن من تطرق الخلل والفساد إليه، وفي هذا المعنى قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه اللَّه -: ((الإحكام هو الفصل والتمييز والفرق والتحديد الذي به يتحقق الشيء ويحصل
(١) مقاييس اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس، ٢/ ٩١، باب الحاء والكاف، مادة: حكم.