للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ... )) فما زال النبي - صلى الله عليه وسلم - يراجع ربه، ويضع عنه حتى أُمِرَ بخمس صلوات كل يوم (١).

فموسى - صلى الله عليه وسلم - قد جرب الناس، وعلم أن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أضعف من بني إسرائيل أجساداً، وأقل منهم قوةً، والعادة أن ما يعجز عنه القوي فالضعيف من باب أولى (٢).

فالداعية بتجاربه بالسفر، ومعاشرته الجماهير، وتعرفه على عوائد الناس وعقائدهم، وأوضاعهم، ومشكلاتهم، واختلاف طبائعهم وقدراتهم، سيكون له الأثر الكبير في نجاح دعوته وابتعاده عن الوقوع في الخطأ؛ لأنه إذا وقع في خطأ في منهجه في الدعوة إلى اللَّه، أو أموره الأخرى لا يقع فيه مرة أخرى، وإذا خُدع مرة لم يخدع مرة أخرى، بل يستفيد من تجاربه وخبراته، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يُلدغ المؤمن من جحرٍ واحدٍ مرتين)) (٣)، وقال: ((كلكم خطاء، وخير الخطائين التوابون)) (٤).


(١) البخاري مع الفتح، كتاب مناقب الأنصار، باب المعراج، ٧/ ٢٠٢، (رقم ٣٨٨٧).
(٢) انظر: حاشية السندي على سنن النسائي، ١/ ٢٢٠، وفتح الباري، ١/ ٤٦٣.
(٣) البخاري مع الفتح، كتاب الأدب، باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، ١٠/ ٥٢٩، (رقم ٦١٣٣)، ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، ٤/ ٢٢٩٥، (رقم ٢٩٩٨).
(٤) الترمذي، كتاب صفة القيامة، باب حدثنا هناد ٤/ ٦٥٩ (رقم ٢٤٩٩)، وابن ماجه في الزهد، باب ذكر التوبة، ٢/ ١٤٢٠، (رقم ٤٢٥١)، والدارمي في الرقائق، باب التوبة ٢/ ٢١٣، (رقم ٢٧٣٠)، وانظر: صحيح الترمذي، ٢/ ٣٠٥.

<<  <   >  >>