للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ فِي حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: " وَاللَّهِ لَقَدْ أَقَامَتْ قُرَيْشُ أَمْرَهَا بِغَيْرِ سُلْطَانٍ، يَخْنَعُ الصَّغِيرُ لِلْكَبِيرِ، وَيَقْبَلُونَ الْأَدَبَ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي نَادٍ مِنْ قَوْمِي مَا فِيهِ أَصْغَرُ مِنِّي، فَأَقْبَلَ عَنْبَسَةُ بْنُ أَمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَبِهِ سُمِّيَ مَنْ تَرَى عَنْبَسَةَ مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ حَتَّى وَقَفَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَأْخُذُ ابْنَيَّ هَذَيْنِ، فَيَكْفُلُهُمَا، وَأَخْرُجُ عَنْكُمْ، وَكَانَ عَنْبَسَةُ مُسِيفًا، قَدِ افْتَدَتْهُ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَنْشَأَ عَنْبَسَةُ، يَقُولُ:

لَمَوْتٌ جَهِيزٌ عَاجِلٌ لَا شَوًى لَهُ ... إِذَا مَا أَتَى مُسْتَمْسِكًا بِالْمَشَارِبِ

أَحَبُّ إِليَّ مِنْ سُؤَالِ عَشِيرَةٍ ... إِذَا سُئِلُوا تَغَامَزُوا بِالْمَنَاكِبِ

بَلَوْنَاكُمْ عِنْدَ الْجِمَارِ عَشِيَّةً ... نَبَوْتُمْ وَكُنْتُمْ كَالسُّيُوفِ الْقَوَاضِبِ

قَالَ الْحَكَمُ: ثُمَّ هَرَبَ عَنْبَسَةُ، فَمَا يُدْرَى أَيْنَ صَقَعَ، وَلَا أَيْنَ وَقَعَ؟ وَمَا مَنَعَنِي أَنْ آخُذُ ابْنَيْهِ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أَصْغَرَ الْقَوْمِ سِنًّا، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَقَدَّمَ بِالْكَلَامِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، قَالَ عُرْوَةُ: ثُمَّ الْتَفَتُّ إِلَى الْحَكَمِ، فَقَالَ: يَا عُرْوَةُ، إِيَّاكَ وَالتَّطَاوُلَ عَلَى الْأَكْفَاءِ، فَإِنَّهُ يَهَبُ الذِّلَّةَ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَادَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>