للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي الرُّقَبَاءِ مَعْنَيَانِ، كِلَاهُمَا جَائِزٌ حَسَنٌ: فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ: أَنَّ الرُّقَبَاءَ جَمْعُ رَقِيبٍ، وَالرَّقِيبُ: الْأَمِينُ، وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمُّونَ الْأَمِينَ عَلَى ضَرْبِ الْقِدَاحِ فِي الْمَيْسِرِ رَقِيبًا، قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:

لَهُ خَلْفَ إِذْ نَابِهَا أَزْمَلُ ... مَكَانَ الرَّقيِبِ مِنَ الْيَاسَرِينَا

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١] ، وَمِنْهُ قِيلِ لِحَارِسِ الْقَوْمِ رَقِيبٌ، وَهُوَ الَّذِي يُشْرِفُ عَلَى مَرْقَبَةٍ يَحْرُسُهُمْ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:

أَحَقًّا عِبَادَ اللَّهِ أَنْ لَسْتُ صَادِرًا ... وَلَا وَارِدًا إِلَّا عَلَيَّ رَقِيبُ

فَكَأَنَّهُ قَالَ: سَبْعَةَ نَجْبَاءَ أُمَنَاءَ يَكُونُونَ شُهُودًا عَلَى النَّاسِ.

وَالْمَعْنَى الْآخَرُ: أَنَّ الرُّقَبَاءَ بِمَنْزِلَةِ الرَّقَائِبِ مِنَ النُّجُومِ.

يَقُولُ: كُلَّمَا مَاتَ مِنْهُمْ أَحَدٌ خُلِّفَ بَعْدَهُ مَنْ يَسُدُّ مَكَانَهُ، وَيَقُومُ مَقَامَهُ، وَكَذَلِكَ الرَّقِيبُ مِنَ النُّجُومِ، وَهُوَ الَّذِي يَغْرُبُ بِالْغَدَاةِ، إِذَا طَلَعَ رَقِيبُهُ بِالْمَشْرِقِ، وَقَالَ جَمِيلٌ:

<<  <  ج: ص:  >  >>