وَقَوْلُهُ: «تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ» يَقُولُ: مَا يَعْدِمُهُ غَيْرُهُ، وَيُعْجِزُهُ عَنْهُ يُصِيبُهُ هُوَ وَيَكْسِبُهُ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ أَعْرَابِيٌّ فِي إِنْسَانٍ وَصَفَهُ: دَعُوهُ فَإِنَّهُ أَكْسَبُكُمْ لِمَعْدُومٍ، وَأَعَطَاكُمْ لِمَحْرُومٍ، وَأَنْشَدَ فِي وَصْفِ ذِئْبٍ:
تَرَاهُ سَمِينًا مَاشَتَا وَكأَنَّهُ ... حَمِيٌّ إِذَا مَا صَافَ أَوْ هُوَ أَهْزَلُ
كَسُوبٌ لَهُ الْمَعْدُومُ مِنْ كَسْبِ وَاحِدٍ ... مُحَالِفُهُ الْإِقْتَارُ مَا يَتمَوَّلُ
قَوْلُهُ: «مِنْ كَسْبِ وَاحِدٍ» أَيْ مِمَّا يَكْسَبُهُ وَحْدَهُ لَمْ يُعِنْهُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ، وَقَوْلُهُ: «مُحَالِفُهُ الْإِقْتَارُ» وَذَلِكَ إِذَا صَافَ، قَالَ: وُكُلُّ السِّبَاعِ تَهْزَلُ فِي الصَّيْفِ حَتَّى السَّنَانِيرُ فِي الْبُيُوتِ، وَ «حَمِيٌّ» أَيْ يَحْمِي، وَوَصْفُهُ بِالسَّمِنِ فِي الشَّتَاءِ، لِأَنَّهُ يَأْكُلُ مِنَ الْأَشْلَاءِ.
قَالَ أَبُو زَيْدٍ: عَدِمْتُ زَيْدًا وَعَدِمَنِي عَدُوِّي، فَلَمْ يَجِدْنِي، وَتَقُولُ: مَهْمَا أَعْدَمَنِي مِنْ شَيْءٍ، فَلَا يُعْدِمُنِي سَيْفٌ صَارِمٌ، قَالَ لَبِيدٌ:
وَلَقَدْ أَغْدُو وَمَا يُعْدِمُنِي ... صَاحِبٌ غَيْرُ طَوِيلِ الْمُحْتَبَلْ
يَعْنِي بِالصَّاحِبِ فَرَسًا، وَالْمُحْتَبَلُ: مَوْضِعُ الْحَبْلِ فَوْقَ الْعُرْقُوبِ، وَطُولُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَيْبٌ، وَتَقُولُ: لَا فَقَدْتُكَ، وَلَا عَدِمْتُكَ، وَلَا أَفْقَدَنِيكَ اللَّهُ، وَلَا أَعْدَمَنِيكَ، وَأَعَدَمَ الرَّجُلُ: إِذَا افْتَقَرَ، فَصَارَ مُعْدِمًا، وَيُقَالُ: الْفَقْرُ وَالْعُدْمُ وَالْعُدُمُ وَالْعَدَمُ وَالْإِعْدَامُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute