للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّوَى: ذَهَابُ الْمَالِ، يُقَالُ: تَوَى يَتْوَى إِذَا ذَهَبَ، وَأَتْوَى فُلَانٌ مَالَهُ فَتَوِيَ وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: مَالٌ تَوٍ إِذَا ذَهَبَ وَهَلَكَ، وَهُوَ التَّوَى، مَقْصُورٌ.

وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " حِينَ سَأَلَ أَبَا زُبَيْدٍ الطَّائِيَّ عَنِ الْأَسَدِ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي زُبَيْدٍ: يَا أَخَا تُبَّعِ الْمَسِيحِ، أَسْمِعْنَا بَعْضَ قَوْلِكَ، فَقَدْ أُنْبِئْتُ أَنَّكَ تُجِيدُ، فَأَنْشَدَهُ قَصِيدَتَهُ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا: مَنْ مُبْلِغٌ قَوْمَنَا النَّائِينَ إِذْ شَحَطُوا ... أَنَّ الْفُؤَادَ إِلَيْهِمْ شَيِّقٌ وَلِعُ

وَوَصَفَ فِيهَا الْأَسَدَ، فَقَالَ لِعُثْمَانَ: تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ الْأَسَدَ مَا حَيِيتَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُكَ جَبَانًا هِدَانًا، قَالَ: كَلَّا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنْ رَأَيْتُ مِنْهُ مَنْظَرًا، وَشَهِدْتُ مِنْهُ مَشْهَدًا، لَا يَبْرَحُ يَتَجدَّدُ ذِكْرُهُ فِي قَلْبِي، وَمَعْذُورٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ مَلُومٍ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: وَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: خَرَجْتُ فِي صُيَّابَةٍ أَشْرَافٍ مِنْ أَبْنَاءِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ ذَوِي هَيْئَةٍ، وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ، تَرْتَمِي بِنَا الْمُهَارِي بِأَكْسَائِهَا، وَنَحْنُ نُرِيدُ الْحَارِثَ بْنَ أَبِي شَمَرٍ الْغَسَّانِيَّ مَلِكَ الشَّامِ، فَاخْرَوَّطَ بِنَا الْمسَيْرُ فِي حَمَارَّةِ الْقَيْظِ، حَتَّى إِذَا عُصِبَتِ الْأَفْوَاهُ، وَذَبُلَتِ الشِّفَاهُ، وَشَالَتِ الْمِيَاهُ، وَأَذْكَتِ الْجَوْزَاءُ الْمَعْزَاءَ، وَذَابَ الصَّيْهَدُ، وَصَرَّ الْجُنْدُبُ، وَضَافَ الْعُصْفُورُ الضَّبَّ فِي وَجَارَهُ، وَقَالَ قَائِلُنَا: أَيُّهَا الرَّكْبُ غَوِّرُوا بِنَا فِي ضَوْجِ هَذَا الْوَادِي، وَإِذَا وَادٍ قُدَيْدٌ يَمْتَنَا كَثِيرُ الدَّغَلِ، دَائِمُ الْغَلَلِ، شَجْرَاؤُهُ مُغِنَّةٌ، وَأَطْيَارُهُ مُرِنَّةٌ، فَحَطَطْنَا رِحَالَنَا بِأُصُولِ دَوَحَاتٍ كَنَهْبُلَاتٍ، فَأَصَبْنَا مِنْ فُضَلَاتِ الزَّادِ، وَأَتْبَعْنَاهَا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ، فَإِنَّا لَنَصِفُ حَرَّ يَوْمِنَا ذَلِكَ، وَمُمَاطَلَتَهُ إِذْ صَرَّ أَقْصَى الْخَيْلِ أُذُنَيْهِ، وَفَحَصَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا لَبِثَ أَنْ جَالَ، ثُمَّ حَمْحَمَ فَبَالَ، فَأَرْزَمَ، ثُمَّ فَعَلَ فِعْلَهُ الَّذِي يَلِيهِ وَاحِدًا، فَوَاحِدًا، فَتَصَعْصَعَتِ الرِّكَابُ، وَتَكَعْكَعْتِ الْخَيْلُ، وَقَهْقَرَتِ الْبِغَالُ، فَمِنْ نَافِرٍ بِكَالِهِ، وَنَاهِضٍ بِعِقَالِهِ، فَعَلِمْنَا أَنْ قَدْ أُتِينَا، وَأَنَّهُ السَّبُعُ، فَفَزِعَ كُلُّ امْرِئٍ مِنَّا إِلَى سَيْفِهِ، فَسَلَّهُ مِنْ جُرُبَّانِهِ، ثُمَّ وَقَفْنَا رَزْدُقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>