للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَقْبَلَ يَتَظَالَعُ مِنْ بَغْيِهِ كَأَنَّهُ مَجْنُوبٌ، أَوْ فِي هَجَارٍ، لِصَدْرِهِ نَحِيطٌ، وَلِبَلَاعِيمِهِ غَطِيطٌ، وَلِطَرْفِهِ وَمِيضٌ، وَلِأَرْسَاغِهِ نَقِيضٌ، كَأَنَّهُ يَخْبَطُ هَشِيمًا، أَوْ يَطَأُ صَرِيمًا، فَإِذَا هَامَةٌ كَالْمِجَنِ، وَخَدٌّ كَالْمِسَنِ، وَعَيْنَانِ سَجْرَاوَانِ، كَأَنَّهُمَا سِرْاجَانِ يَقِدَانِ، وَقَصْرَةٌ رَبْلَةٌ، وَلِهْزِمَةٌ رَهِلَةٌ، وَكَتِدٌ مُغْبَطٌ، وَزَوْرٌ مُفْرَطٌ، وَسَاعِدٌ مَجْدُولٌ، وَعَضُدٌ مَفْتُولٌ، وَكَفٌّ شَثْنَةٌ الْبَرَاثِنَ إِلَى مَخَالِبٍ كَالْمَحَاجِنِ، فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ فَأَرْهَجَ، وَكَشَرَ فَأَفْرَجَ عَنْ أَنْيَابٍ كَالْمَعَاوِلِ مَصْقُولَةً غَيْرَ مَقْلُولَةٍ، وَفَمٌ أَشْدَقُ كَالْغَارِ الْأَخْوَقِ، ثُمَّ تَمَطَّى فَأَشْرَعَ بِيَدَيْهِ، وَحَفَزَ وَرِكَيْهِ بِرِجْلَيْهِ، حَتَّى صَارَ طُولُهُ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ أَقْعَى فَاقْشَعَرَّ، ثُمَّ مَثَّلَ فَاكْفَهَرَّ، ثُمَّ تَجَهَّمَ فَازْبَأَرَّ، فَلَا وَالَّذِي بَيْتُهُ فِي السَّمَاءِ مَا اتَّقَيْنَاهُ إِلَّا بِأَوَّلِ مَنْ أَخَ لَنَا مِنْ بَنِي فَزَارَةَ، وَكَانَ ضَخْمُ الْجُزَارَةِ، فَوَقَصَهُ وَقْصَةً ثُمَّ نَفَضَهُ نَفْضَةً، فَقَضْقَضَ مَتْنَهُ، فَجَعَلَ يَلَغُ فِي دَمِهِ، فَذَمَرْتُ أَصْحَابِي، فَبَعْدَ لَأْيٍ مَا اسْتَقْدَمُوا، فَكَّرَ مُقْشَعِرًا بِزُبْرَةٍ، كَأَنَّ بِهَا شَيْهَمًا حَوْلِيًّا، فَاخْتَلَجَ رَجُلًا أَعْجَزَ ذَا حَوَايَا، فَنَفَضَهُ نَفْضَةً تَزَايَلَتْ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ نَهَمَ فَفَرْفَرَ، ثُمَّ زَفَرَ فَبْرَبَرَ، ثُمَّ زَأَرَ فَجَرْجَرَ، ثُمَّ لَحَظَ، فَوَاللَّهِ لَخِلْتُ الْبَرْقَ يَتَطَايَرُ مِنْ تَحْتِ جُفُونِهِ، مِنْ عَنْ شِمَالِهِ وَيَمِينِهِ، فَأُرْعِشَتِ الْأَيْدِي، وَاصْطَكَّتِ الْأَرْجُلُ، وَأَطَّتِ الْأَضْلَاعُ، وَارْتَجَّتِ الْأَسْمَاعُ، وَحَمَّجَتِ الْعُيُونُ وَلَحِفَتِ الْبُطُونُ، وَانْخَزَلَتِ الْمُتُونُ، وَسَاءَتِ الظُّنُونُ.

فَقَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اسْكُتْ قَطَعَ اللَّهُ لِسَانَكَ، فَقَدْ رَعَبْتَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ.

وَهَذَا حَدِيثٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ أَبِي الْغَرَّافِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>