للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَحَدُهُمَا: وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَنْ أَحَبَّنَا افْتَقَرَ، لِأَنَّا نَرَى فِي مُحِبِّيهِمْ، مِنَ الْغِنَى وَالسَّعَةِ، مَا نَرَى فِي غَيْرِهِمْ، قَالَ: وَأَعْجَبُ الْوُجُوهِ إِلَيْنَا الْوَجْهُ الَّذِي أَعْرَضَا عَنْهُ لِوُجُوهٍ نُؤَكِّدُ مِنْهَا، أَنَّ قَوْلَهَ: مَنْ أَحَبَّنَا بِمَعْنَى مَنِ اسْتَنَّ بِسُنَّتِنَا، وَاهْتَدَى بِهَدْيِنَا، وَكَفَّ عَمَّا لَا يَحِلُ لَهُ، وَلَمْ يَتَطَلَّعْ إِلَى الْمَحْظُورِ عَلَيْهِ، وَغَيْرِ الْمُبَاحِ لَهُ، كَانَ ذَلِكَ مُوَدِّيًا لَهُ إِلَى الْإِقْلَالِ، وَرِقَّةِ الْحَالِ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: ١٠] .

وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} [الرعد: ٢٤] ، قَالَ: عَلَى الْفَقْرِ فِي الدُّنْيَا، قَالَ الشَّاعِرُ: إِنَّ الْحَرَامَ غَزِيرَةٌ حَلَبَاتُهُ ... وَوَجَدْتُ حَالِبَةَ الْحَلَالِ مَصُورَا

وَوَدَّهُ آخَرُ: أَنَّ قَوْلَهُ: فَلْيُعِدَّ لِلْفَقْرِ جِلْبَابًا، أَنْ يَكُونَ مَخْبِرًا عَنْ غَيْبٍ أَطْلَعَهُ عَلَيْهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ الَّذِي عَلَّمَهُ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا تَلَقَى الْعِتْرَةُ بَعْدَهُ مِنَ الْبَلَاءِ، وَالشِّدَّةِ، وَالتَّشْرِيدِ، يَقُولُ: فَمَنْ أَحَبَّنَا، وَلَمْ يَرْغَبْ بِنَفْسِهِ عَنْهَا، لَزِمَهُ مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَزِمَنَا، وَعَضَّهُ مِنَ الشِّدَّةِ مَا يَعَضُّنَا، وَقَدْ جَاءَ هَذَا مُفَسِّرًا، أَوْ كَالْمُفَسِّرِ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ

٣١٥ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>