فَقَرَأَ فِي الْخُطْبَةِ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا} [الزمر: ٥٣] بِالْفَتْحِ، فَقَالَ أَبُو عَمْرٍو لَنَا: لَحَنَ وَاللَّهِ الْأَمِيرُ قَالَ: مَا تَقُولُ يَا ابْنَ أَبِي إِسْحَاقَ؟ ، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فقَالَ لِأَبِي: مَا تَقُولُ يَا عِيسَى؟ ، قَالَ: فَسَكَتَ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا دَخَلُوا عَلَى بِلَالٍ، فَقَالَ لَهُمْ: كَيْفَ رَأَيْتُمْ خُطْبَتِي، فَقَالُوا: أَحْسَنْتَ الْخُطْبَةَ، قَالَ: فَقَالَ أَبُوِ عَمْرٍو: لَحَنْتَ فِي آيَةِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: مَا تَقُولُ يَا عِيسَى، قَالَ: كَذَبَ، إِنَّمَا قَنَطَ يَقْنِطُ أَوْ قَنِطَ يَقْنَطُ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَبُو عَمْرٌو أَرْجَحُ مِنْ عِيسَى مِرَارًا، إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ هَاتَيْنِ لُغَتَانِ، فَلَا يُرَدُّ قَوْلُهُ إِذْ زَعَمَ أَنَّهُمَا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَإِنَّمَا حَكَى وَلَمْ يَقِسْ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَسَأَلَنِي أَيُوبُ بْنُ مُتَوَكِّلٍ، هَلْ فِي قِرَاءَتِنَا عَيْبٌ؟ قَالَ: فَذَكَرْتُ لَهُ هَذَا الْحَرْفَ، وَقُلْتُ لَهُ: لَا يَكُونُ فَعَلَ يَفْعَلُ إِلَّا فِيمَا كَانَ ثَانِيهِ، أَوْ ثَالِثُهُ أَحَدَ حُرُوفِ الْحَلْقِ السِّتَّةِ: الْعَيْنُ وَالْغَيْنُ، وَالْحَاءُ وَالْخَاءُ، وَالْهَاءُ وَالْهَمْزَةُ، فَتَفَكَّرَ فَإِذَا هُوَ يَتَذَكَّرُ، قَالَ: نَعَمْ، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي بَابِ: قَلَعَ يَقْلَعُ، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ الْحِيلَةُ فِي الِاحْتِجَاجِ عَلَى مَنْ سَأَلَنَا عَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: تَقُولُ: فِيهِمَا لُغَتَانِ: قَنَطَ يَقْنِطُ وَقَنِطَ يَقْنَطُ، قَالَ: وَمَا قُلْتُ لَهُ شَيْئًا يُسَاوِي شَيْئًا، وَلَكِنْ مَوَّهْتُ لَهُ، فَسَكَتَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ، يَقُولُ: يَوْمٌ سَخْنَانٌ، وَلَيْلَةٌ سَخْنَانةٌ، كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعْلِمَنِي أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ
٥٣٣ - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: «إِنْ كُنْتُ لَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الْآيَةَ، وَأَنَا أَعْلَمُ بِهَا مِنْهُ وَمِنْ عَشِيرَتِهِ، وَمَا بِي إِلَّا لِيَقْبِضَ لِي قَبْضَةً مِنْ تَمْرٍ أَوْ سُفَّةً مِنْ سَوِيقٍ أَسُدُّ بِهَا جُوعِي» ، حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسَرَّةَ، قَالَ: نَا أَبُو سُفْيَانَ الْغَنَوِيُّ، قَالَ: نَا أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute