الْأُمُورِ الْعِظَامِ، وَيُقَالُ لِلذِّئْبِ إِذَا كَانَ مُتَمَرِّدًا يَرِدُ مَرَّةً هَاهُنَا، وَمَرَّةً هَاهُنَا: إِنَّهُ لَشَرَّابٌ بِأَنْقَعَ، أَيْ يَتَوَرَّدُ الْمِيَاهَ الْمُتَنَازِحَةَ الَّتِي لَا يَرِدُهَا كُلُّ أَحَدٍ، وَالْعَرَبُ تَمْدَحُ بِذَلِكَ، قَالَ الشَّمَّاخُ يَذْكُرُ مَاءً وَرَدَهُ:
ذَعَرْتُ بِهِ القَطَا وَنَفَيْتُ عَنْهُ ... مَقَامَ الذِّئْبِ كَالرَّجُلِ اللَّعِينِ
الرَّجُلُ اللَّعِينُ: الْمَدْحُورُ الْمَنْفِيُّ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنَّهُ وَرَدَ الْمَاءَ، فَجَاءَ إِلَى الذِّئْبِ فَنَحَاهُ، وَذَعَرَ بِهِ الْقَطَا، فَشَرِبَ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ إِبِلًا:
جَاءَتْ وَقَدْ أَسْلَمَهَا كَثِيبُهَا
مِنْ بَلْدَةٍ لَا يَسْتَطِيعُ ذَيْبُهَا
أَلِوِرْدَ إِلَّا نَوْبَةً يَنُوبُهَا
«أَسْلَمَهَا كَثِيبُهَا» رَعَتْ كُلَّ مَا فِيهِ فَتَرَكَتْهُ لِلتَّحَوُّلِ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ.
وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ
وَمنْهَلٍ يَامَيُّ نَائِيُّ الْعُوَّدِ
خَالِي الثَّنَايَا بِالسِّبَاعِ الْوُرَّدِ
أَوْرَدْتُهُ الْقَوْمَ لِكَيْلَا تَبْعَدِي
وَالْفَرَسُ الرَّوَّاغُ: هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَقِيمُ فِي حُضْرِهِ، يَعْدِلُ مَرَّةً يَمِينًا وَمَرَّةً شِمَالًا، وَهُوَ جَادٌّ فِي حُضْرِهِ، وَالْأُنْثَى: رَوَّاغَةُ، وَقَالَ:
أَمَّا إِذَا يَعْدُو فَثَعْلَبُ جِرْبَةٍ ... أَوْ سِيدُ عَازِبَةٍ يُعَجْرِمُ عَجْرَمَهْ