الذي لا تجد فيه تكلف بعض العلماء، ولا العنجهية ولا السذاجة .. قد أكسبه الوقار ..
ولقد كانت شخصية حسن البنا جديدة على الناس .. عجب لها من رآها واتصل بها .. كان فيه من الساسة دهاؤهم، ومن القادة قوتهم، ومن العلماء حججهم، ومن الصوفية إيمانهم، ومن الرياضيين حماسهم، ومن الفلاسفة مقاييسهم، ومن الخطباء لباقتهم ومن الكُتَّابِ رصانتهم.
وكان كل جانب من هذه الجوانب يبرز كطابع خاص في الوقت المناسب، ولكل هذه الصفات التي تقرؤها في كتب شمائل الصحابة والتابعين، لم يكن مقدرًا أن يعيش طويلاً في الشرق .. وكان لا بد أن يموت باكرًا، فقد كان غريبًا عن طبيعة المجتمع، يبدو كأنه الكلمة التي سبقت وقتها، أو لم يأت وقتها بعد.
ولم يكن الغرب ليقف مكتوف اليدين، أمام مثل هذا الرجل .. الذي أعلي كلمة الإسلام علي نحو جديد .. وكشف لرجل الشارع حقيقة وجوده ومصيره وجمع الناس علي كلمة الله .. وخفت بدعوته ريح التغريب والجنس ونزعات القومية الضيقة .. واعتدلت لهجات الكتاب، وبدأ بعضهم يجري في ركب «الريح الإسلامية».