إلى مرحلة ومن دور إلى دور على أساس النضج والتكامل، وكان هذا يزعج خصوم الوطن الذي لم يعهد سياسة تعلو على المطامع الفردية، وتتعالي على الأغراض الذاتية، وتنقي جوها من الدوافع الشخصية الخاصة.
وكان الرجل على قدراته الفائقة في ضبط أعصابه كَيِّسًا في مواجهة الأمور، لَبِقًا في استقبال الأحداث والأزمات.
وإلى هذا كله كان غاية الاعتدال، فكان يعيش براتب لا يزيد على راتبه المدرسي المحدود، وبين يديه الأموال الضخمة المعروضة من أتباعه، وحوله من العاملين معه من يصل دخله إلى ضعف أو أضعاف ما يحصل عليه.
زُهْدٌ وَبَسَاطَةٌ:
وكان في بيته مثال الزهادة، وفي ملبسه مثال البساطة، وكنت تلقاه في تلك الحجرة المتواضعة الفراش ذات السجادة العتيقة والمكتبة الضخمة، فلا تراه يختلف عن أي إنسان عادي، إلا ذلك الإشعاع القوي والبريق اللامع الذي تبعثه عيناه. والذي لا يقوى الكثيرون على مواجهته، فإذا تحدث سمعتَ من الكلمات القليلة المعدودة مُوجَزًا وَاضِحًا للقضايا المطولة التي تحتويها المجلدات، وكان إلى هذه الثقافة