والقتلة، وقد ألقى إليهم مرة حَدِيثًا، وهو يستمد موضوع حديثه - أثناء سياحته في الأقاليم وفي كل بلد - من مشاكلها ووقائعها وخلافاتها، ويربطه في لباقة مع دعوته ومعالمها الكبرى فيجيء كلامه عَجَبًا .. يأخذ بالألباب.
كان يقول للفلاحين في الريف «عندنا زرعتان .. إحداهما سريعة النماء كالقثاء، والأخرى طويلة كالقطن».
لم يعتمد يومًا على الخطابة، ولا تهويشها ولا إثارة العواطف علي طريقة الصياح والهياج .. ولكنه يعتمد على الحقائق، ويستثير العاطفة بإقناع العقل، ويلهب الروح بالمعنى لا باللفظ، وبالهدوء لا بالثورة، وبالحجة لا بالتهويش.
ويعد «الحديث» عند بعض الناس آيته الكبرى غير أنني علمت من بعض المتصلين به .. أنها آخر مواهبه فقد كانت أبلغ مواهبه القدرة على الإقناع، وكسب «الفرد» بعد «الفرد» فيربطه به برباط لا ينفصم، فيراه صاحبه خاصًا، وتقوم بينه وبين كل فرد يعرفه صداقة خاصة خالصة، يكون معها في بعض الأحيان مناجاة، وتنتقل بالتعرف على شؤون الوظيفة والعمل والأسرة والأطفال.