للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنَّا معكم إنَّما نحن مُسْتَهْزِؤُونَ - الله يستهزئ بهم) [البقرة: ١٤-١٥] .

فلا يطلق على الله مخادع، ماكر، ناس، مستهزى، ونحو ذلك مما يتعالى الله عنه، ولا يقال: الله يستهزى، ويخادع، ويمكر، وينسى، على سبيل الإطلاق. وقد أخطأ الذين عدوا ذلك من أسمائه الحسنى خطأ كبيراً، لأنّ الخداع والمكر يكون مدحاً ويكون ذماً، فلا يجوز أن يطلق على الله إلا مقيداً بما يزيل الاحتمال المذموم منه كما ورد مقيداً في الآيات. (١)

ومن أجل ذلك لم يرد في أسمائه تعالى: المتكلم، المريد، الفاعل، الصانع؛ لأنّ مسمياتها تنقسم إلى ممدوح ومذموم. ولو جاز أن يشتق لله من أفعاله أسماء مثل: الماكر، المخادع، بحجة إطلاق أفعالها في القرآن على الله لجاز أن يجعل من أسمائه: الداعي، والآتي، والجائي، والذاهب، والقادم، والناسي، والقاسم، والساخط، والغضبان، واللاعن ... وغير ذلك من تلك التي أطلق القرآن أفعالها على نفسه.

فالله لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق، والمجازاة على ذلك تعدّ حسنة من المخلوق فكيف من الخالق؟ .

ومن أسماء الله تعالى ما لا يُطلق عليه إلا مقترناً بمقابله، فإنه إذا أطلق وحده أوهم نقصاً، فمن ذلك: المانع، الضار، القابض، المذل، الخافض، فلا تطلق على الله منفردة، بل يجب قرنها بما يقابلها، فيقال: المعطي المانع، الضارّ النافع، القابض الباسط، المعزّ المذل، الخافض الرافع.

ومن ذلك المنتقم، لم يأت في القرآن إلا مضافاً إلى: (ذو) كقوله تعالى: (والله عزيزٌ ذو انتقامٍ) [المائدة: ٩٥] أو مقيداً بالمجرمين: (إنَّا من المجرمين منتقمون)


(١) معارج القبول: ١/٧٦.

<<  <   >  >>