للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عنوا بتفسيرها وشرحها.

فالقرطبي له كتاب (معاني أسماء الله الحسنى) ، وقد سردها ابن جرير الطبري، وأبو بكر ابن العربي، وابن حجر العسقلاني، وغيرهم. وقد اتفق العلماء في عدّ جملة كبيرة من أسماء الله تعالى، واختلفوا في جملة قليلة، فبعضهم عدّها من أسمائه تعالى، ومنهم من نازع في ذلك. (١)

والسبب في هذا الخلاف أن بعض العلماء ظن أنّ كلّ ما أطلقه القرآن على الله - سبحانه - يجوز عده اسماً، ويجوز إطلاقه مجرداً على الله تعالى. فأبو بكر ابن العربي عدّ في أسمائه: رابع ثلاثة، وسادس خمسة، أخذاً من قوله تعالى: (ألم تر أنَّ الله يعلم ما في السَّماوات وما في الأرض ما يكون من نَّجْوَى ثلاثةٍ إلاَّ هو رابعهم ولا خمسةٍ إلاَّ هو سادسهم) [المجادلة: ٧] .

كما عدّ في أسمائه الفاعل والزارع أخذاً من قوله: (كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعداً علينا إنَّا كنَّا فاعلين) [الأنبياء: ١٠٤] .

ومن قوله: (أَفَرَأَيْتُم ما تحرثون - أَأَنتُمْ تزرعونه أمّ نحن الزَّارعون) [الواقعة: ٦٣-٦٤] .

والحق أن هذه ليست أسماء لله تعالى، بمعنى أنّه لا يطلق على الله تعالى رابع ثلاثة، وسادس خمسة، والفاعل، والزارع. (٢)

وقد ورد في القرآن أفعال أطلقها الله - عزّ وجلّ - على نفسه على سبيل الجزاء والعدل والمقابلة، وهي فيما سيقت فيه مدح وكمال، ولكن لا يجوز أن يشتق لله تعالى منها أسماء، ولا تطلق عليه في غير ما سبقت فيه من الآيات كقوله: (إنَّ المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم) [النساء: ١٤٢] وقوله: (ومكروا ومكر الله) [آل عمران: ٥٤] وقوله: (نسو الله فنسيهم) [التوبة: ٦٧] ، وقوله: (وإذا لقوا الَّذين آمنوا قالوا آمنَّا


(١) راجع تلخيص الحبير: ٤/١٧٢.
(٢) معارج القبول: ١/٧٧.

<<  <   >  >>