للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ضلال الذين أخذوا بأحد هذين الأصلين دون الآخر:

وقد حمل الشيخ - رحمه الله - تعالى على من أخلّ بأحد هذين الأصلين، وعدّ من نفى عن الله وصفاً أثبته لنفسه بأنه متنطع بين يدي رب السماوات والأرض، وعدّ فعل هذا النافي عن الله ما أثبته لنفسه متجرئاً على الله جرأة عظيمة.

وعدّ الشيخ هذا ضلالاً ليس بعده ضلال، لأن هذا النافي عمد إلى ما أثبته الله لنفسه من صفات الكمال والجلال، فتقدم هذا الجاهل المسكين بين يدي جبار السماوات والأرض قائلاً: هذا الذي وصفت به نفسك لا يليق بك، ويلزمه من النقص كذا، فأنا أؤوله وأنفيه، وآتي ببدله من تلقاء نفسي، من غير أن يستند فيما ذهب إليه إلى كتاب ولا سنة.

ومثله في الضلال ذلك الذي أثبت الصفات لله - تبارك وتعالى - ولكنه شبه صفات الباري بصفات خلقه.

والمفلح الناجي السائر على الصراط المستقيم هو الذي آمن بهذين الأصلين، ولم يفرق بينهما، آمن بما أثبته الله لنفسه من الصفات، ونزهه في الوقت نفسه عن أن تشبه صفاته صفات خلقه، فهو مؤمن منزه سالم من ورطة التشبيه والتعطيل.

دلت على هذا الأصل آية من كتاب الله:

وقد دلّ على هذين الأصلين آية من كتاب الله، هي قوله تعالى: (ليس كمثله شيءٌ وهو السَّميع البصير) [الشورى: ١١] .

فالحق يثبت في هذه الآية لنفسه السمع والبصر في الوقت الذي يقرر فيه أنه ليس كمثله شيء، وفي هذا إشارة واضحة إلى أنه لا يجوز للخلق أن ينفوا عن الله سمعه وبصره بدعوى أن المخلوقات الحادثة تملك سمعاً وأبصاراً،

<<  <   >  >>