للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهؤلاء جعلوا معبودهم كالأصنام، ولذا قال علماء السلف: (المشبه يعبد وثناً) ، وقد كفروا بمقالتهم هذه وخرجوا عن الملّة، ومن هؤلاء داود الجواربي، وهشام بن الحكم الرافضي، وهذا الفريقان إلحادهما متقابل: فالأولون من المشركين جعلوا المخلوق بمنزلة الخالق وسووه به، والمشبهة جعلوا الخالق بمنزلة الأجسام المخلوقة، وشبهوه بها، تعالى الله وتقدس عن إفكهم وضلالهم.

ثالثاً: انحراف النفاة وهم ثلاث فرق:

١- فريق نفوا الأسماء وما تدلّ عليه من المعاني، ووصفوا الله تعالى بالعدم المحض، وهؤلاء هم الجهمية، والحقيقة أنّ تحريف هؤلاء تكذيب لله كتحريف المشركين.

٢- وفريق أثبتوا ألفاظ أسمائه دون ما تضمنته من صفات الكمال، فقالوا: رحمن رحيم بلا رحمة، حكيم بلا حكمة، قدير بلا قدرة، سميع بلا سمع.. إلخ، وهؤلاء هم المعتزلة.

٣- وفريق ثالث: أثبت سبعاً من صفات المعاني، وهي: الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام، ونفوا، ما عداها، وهؤلاء هم الأشاعرة. (١)

والمكذبون بأسماء الله وصفاته، والمشبهون صفاته بصفات خلقه، والنافون لأسمائه وصفاته - ضلالهم واضح، إذ هم مشاقون لله ورسوله، مكذبون للكتاب والسنة، وأمرهم معلوم لا يحتاج إلى بيان.

أمّا الذين يحتاج إلى كشف ما في مقالتهم من زيف، فهم أهل الكلام الذي يزعمون أنّهم ينزهون الله تعالى عن مشابهة المخلوقين، وبهذا ينفون صفات الله تعالى التي وردت في الكتاب والسنة، بحجة أنّها توهم التشبيه، وليجؤون في سبيل ذلك إلى تأويل هذه الصفات تأويلاً يصرفها عن معانيها الحقة. (٢)


(١) لم يذهب أبو الحسن الأشعري رحمه الله هذا المذهب كما سيأتي ذكر معتقده في صفات الباري تبارك وتعالى.
(٢) حاول بعض المعاصرين كالشيخ حسن البنا والشيخ حسن أيوب وغيرهما أن يهونوا من خطيئة هؤلاء الذين عرفوا باسم (الخلف) ، وأن يقربوا بين وجهة نظر السلف والخلف، ولكنَّ الحقيقة التي يجب أن تدرك أن مذهب الخلف الزاعمين أن ظاهر الصفات غير مراد المؤولين لها مذهب بعيد عن الصواب، ولا لقاء بينه وبين مذهب السلف. ولا يشفع لبعض الخلف حسن نيتهم، فحسن النية لا يجعل الباطل حقاً.

<<  <   >  >>