يحدثنا الأستاذ يوسف عز الدين: عما كشف العلم من أسرار هذا الكائن: " ومن الغرائز التي وهبها الله لمثل هذه الكائنات الضئيلة ما هو مذهل، يجعل كل ذي عقل من البشر يخرّ ساجداً للخالق العظيم.
على سبيل المثال ما نراه في مستعمرة نوع من الحشرات نطلق عليه اسم (النمل الأبيض) ، تعيش هذه الحشرات أيضاً في مستعمرات، إذا زاد أفراد المستعمرة عن الحد المعقول بالنسبة لكمية الغذاء المتاحة، فإنّ هذه الحشرات تدرك هذه الحقيقة عن طريق الغريزة، فتبدأ الأفراد في التهام عدد كبير من البيض، وبذلك يسهم في حلّ مشكلة زيادة أفراد المستعمرة ومشكلة الغذاء، إذ أن التهام البيض يعتبر تغذية، وفي الوقت نفسه يقلل من عدد الذرية.
إنّ هذه الحشرات لا تدرك لماذا تفعل ذلك، ولكنّها النفحة الإلهية التي تلهمها لعمل ما لا يمكن أن تدركه من الأشياء التي تعود عليها بالفائدة وتجنبها الفناء.
هذه الحشرات نفسها تتغذى على الأخشاب وتلتهمها بشراهة، إذ في بعض الأماكن الموبوءة بها قد يتناول أفراد الأسرة طعامهم على منضدة الطعام، ثم يذهبون في الصباح لتناول إفطارهم، فيجدون تلك المنضدة قد تقوضت أركانها، وانهارت في ليلة واحدة.
وفي بعض جهات استراليا الموبوءة بتلك الحشرات المدمرة قد يسأل أحد السائحين وهو ناظر من نافذة القطار عن اسم القرية التي رآها على مدى البصر، فيعتريه الذهول عندما يخبرونه أن تلك القرية لا تضم آدميين، ولكنها المساكن التي أقامها النمل الأبيض ليعيش بها.
هذه المساكن ترتفع عن سطح الأرض عدة أمتار وتصنعها الحشرات من مادة غريبة، هي خليط من لعابها وبعض المواد الأخرى، وهي أقوى من الإسمنت المسلح، ولا يمكن أن تخترقها الحشرات أو يتسرب إليها الماء من خلال جدرانها، وبداخلها أنفاق متشعبة يعيش فيها النمل الأبيض.