ومن عجيب هداية الثعلب أنه إذا امتلأ من البراغيث أخذ صوفة بفمه، ثم عمد إلى ماء رقيق، فنزل فيه قليلاً، حتى ترتفع البراغيث إلى الصوفة، فيلقيها في الماء ويخرج.
ومن عجيب أمره أن ذئباً أكل أولاده، وكان للذئب أولاد وهناك زبية، فعمد الثعلب وألقى نفسه فيها، وحفر فيها سرداباً يخرج منه، ثم عمد إلى أولاد الذئب فقتلهم، وجلس ناحية ينتظر الذئب، فلما أقبل وعرف أنها فعلته هرب قدامه، وهو يتبعه، فألقى نفسه في الزبية، ثم خرج من السرداب، فألقى الذئب نفسه وراءه فلم يجده، ولم يطق الخروج، فقتله أهل الناحية.
ومن عجيب أمره أن رجلاً كان معه دجاجتان، فاختفى له، وخطف إحداهما وفر، ثم أعمل فكره في أخذ الأخرى، فتراءى لصاحبها من بعيد وفي فمه شيء شبيه بالطائر، وأطعمه في استعادتها بأن تركه وفر، فظن الرجل أنها الدجاجة، فأسرع نحوها، وخالفه الثعلب إلى أختها، فأخذها وذهب.
ومن عجيب أمره أنه أتى إلى جزيرة فيها طير، فأعمل الحيلة كيف يأخذ منها شيئاً فلم يطق، فذهب وجاء بضغث من حشيش وألقاه في مجرى الماء الذي نحو الطير ففزع منه، فملا عرفت أنه حشيش رجعت إلى أماكنها، فعاد لذلك مرة ثانية، وثالثة، ورابعة، حتى تواظب الطير على ذلك وألفته، فعمد إلى جرزة أكبر من ذلك، فدخل عليها وعبر إلى الطير، فلم يشك الطير أنه من جنس ما قبله، فلم تنفر منه، فوثب على طائر منها وعدا به.
ومن عجيب أمره أنه إذا اشتد به الجوه انتفخ، ورمى بنفسه في الصحراء كأنّه جيفة، فتتداوله الطير، فلا يظهر حركة ولا نفساً، فلا تشك أنه ميت، حتى إذا نقر بمنقاره، وثب عليها، فضمها ضمة الموت.