للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أول نهوضه يغفل، ويمر بين النسر والعقاب، وبين الرخم والبازي، وبين الغراب والصقر، فيعرف من يقصده، ومن لا يقصده، وإن رأى الشاهين فكأنه يرى السم الناقع، وتأخذه حيرة كما يأخذ الشاة عند رؤية الذئب، والحمار عند مشاهدة الأسد.

مزيد من عجائب هداية الله مخلوقاته

ويعرض علينا ابن القيم جملة من عجائب هداية الله في مخلوقاته مما توصل إليه أهل العم في زمانه، ولاحظوه من الوقائع في عهدهم فمن ذلك:

٧- كلبة ترضع طفلاً مات أهله

قال الجاحظ: لما وقع الطاعون الجارف أتى على أهل دار، فلم يشك أهل تلك المحنة أنه لم يبق منهم أحد، فعمدوا إلى باب الدار فسدوه، وكان قد بقي صبي صغير يرضع، ولم يفطنوا له، فلما كان بعد ذلك بمدة تحول إليها بعض ورثة القوم، ففتح الباب، فلما أفضى إلى عرصة الدار إذا هو بصبي يلعب مع جراء كلبة قد كانت لأهل الدار فراعه ذلك، فلم يلبث أن أقبلت كلبة قد كانت لأهل الدار، فلما رآها الصبي حبها إليها، فأمكنته من أطبائها، فمصها، وذلك أن الصبي لما اشتد جوعه ورأى جراء الكلبة يرتضعون من أطباء الكلبة حبا إليها، فعطفت عليه، فلما سقته مرة أدامت له ذلك، وأدام هو الطلب.

٨- المكاء يقتل الأفعى

وذكر ابن الأعرابي قال: أكلت حية بيض مكاء، فجعل المكاء يصوت ويطير على رأسها، ويدنو منها، حتى إذا فتحت فاها وهمت به ألقى حسكة، فأخذت بحلقها حتى ماتت، وأنشد أبو عمر الشيباني في ذلك قول الأسدي:

إن كنت أبصرتني عيلاً ومصطلماً ××× فربما قتل المكاء ثعباناً

<<  <   >  >>