وبعضها حقود لا ينسى الإساءة، وبعضها لا يذكرها ألبتة، وبعضها لا يغضب، وبعضها يشتد غضبه، فلا يزال يسترضى حتى يرضى، وبعضها عنده علم ومعرفة بأمور دقيقة لا يهتدي إليها أكثر الناس، وبعضها لا معرفة له بشيء من ذلك ألبتة، وبعضها يستقبح القبيح وينفر منه، وبعضها الحسن والقبيح سواء عنده، وبعضها يقبل التعليم بسرعة، وبعضها مع الطول، وبعضها لا يقبل ذلك بحال.
وهذا كله من أدل الدلائل على الخالق لها سبحانه، وعلى إتقان صنعه، وعجيب تدبيره، ولطيف حكمته، فإن فيما أودعها من غرائب المعارف، وغوامض الحيل، وحسن التدبير، والتأني لما تريده، ما يستنطق الأفواه بالتسبيح، ويملأ القلوب من معرفته ومعرفة حكمته وقدرته، وما يعلم به كل عاقل أنه لم يخلق عبثاً، ولم يترك سدى، وأن له - سبحانه - في كل مخلوق حكمة باهرة وآية ظاهرة وبرهاناً قاطعاً، يدل على أنه رب كل شيء ومليكه، وأنه المتفرد بكل كمال دون خلقه، وأنه على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم.
١٦- هداية الخالق الكائنات لطريقة التكاثر
يقول الدكتور يوسف عز الدين موضحاً هذا الموضوع: " من الأشياء العجيبة التي تشترك فيها جميع الكائنات الحية القدرة على التكاثر، لتكوين ذرية يكون من شأنها الاستمرار بالحياة، واستمرار بقاء النوع وعدم انقراضه.
وتتم عملية إنجاب الذرية في الكائنات الحية المختلفة بطرق شتى، ولكنّها تصل إلى الهدف المنشود. (فالبكتريا)(وهي من النباتات) تتكاثر، وكذلك تفعل باقي النباتات والحيوانات على اختلاف درجة فيها. ولا يمكن من وجهة نظر العلوم الرياضية أن تحدث مصادفات يكون من شأنها إيجاد ذكر أو أنثى في آلاف من النباتات والحيوانات لهدف مرسوم ومحدد وهو إنجاب ذرية تبقى بعد الفناء.
ومن الحيوانات والنباتات ما لا يتميز فيها ذكر وأنثى، ومع ذلك فإنّها تتكاثر وتنجب ذرية، فحيوان صغير الحجم أوّلي مثل حيوان (الأميبا) الذي