كنا ننتظر من المفتي أن يقوم بدوره في صد هجوم أعداء الشريعة، ولكنه بدلًا من ذلك حاول تشويه صورة السلفيين الذين ذاع صيتهم وازداد إقبال الناس عليهم، ولم يتوقع أعداؤهم أن يكون لهم ولعلمائهم بعد الثورة هذا الظهور الطاغي على المشهد المصري، واستحواذهم على قلوب الناس وعقولهم، رغم سنين طوال مُورِسَتْ فيها صنوف التشويه والقمع والاضطهاد ضدهم بحجج مختلفة، لو مورست تجاه أي طائفة لكانت نسيًا منسيًّا.
ففي كتابه الأخير (المتشددون ... منهجهم ... ومناقشة أهم قضاياهم) شنّ الدكتور علي جمعة حربًا شعواء ظالمة على جموع السلفيين في مصر والعالم الإسلامي، في محاولة لحجب الأضواء المتزايدة عنهم، وكبح جماح نجمهم الصاعد بقوة في السماء المصرية سياسيًا واجتماعيًّا ودينيًّا وفكريًّا.
وقد كان التيار السلفي - وما زال - غرضًا لكل السهام العلمانية والليبرالية والماركسية والقومية , ولا عجب في خلافهم وعدائهم للمنهج الإسلامي الذي يناصبونه العداء ويدخلون معه في صراع وجود حيث ينتمون لفكر مختلف كليًّا , ولكن العجب من عداء مفتي الديار الذي أخذ يكيل التهم للسلفيين بلا دليل.
بل إنه في تسجيل بالصوت والصورة أخذ ينتقصهم وينتقص كبار علمائهم كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم بأسلوب ساخر مع أنهما يتمتعان باحترام وتوقير كبيرين من علماء الأزهر وغيرهم كما سيرى القارئ في صفحات هذا الكتاب.
وقُوبل كتاب المفتي باحتفاءٍ شديد من أصحاب الفكر العلماني والليبرالي نظرًا لكونه يصب في مصالحهم للهجوم على التيار السلفي الذي يقف حجر عثرة في وجه محاولاتهم المستميتة لمسخ هوية الأمة الإسلامية.
ومع هذه الحرب الشعواء من المفتي ضد السلفيين تعجب عندما تجد منه الدعوة إلى التقريب مع الشيعة الذين يقولون بتحريف القرآن ويكفّرون الصحابة، وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم -.