للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَإمّا أَنْ يَسْتَحِبَّ زِيَارَة َ مَسْجِدِ قباءَ، كمَا جَاءَتْ بهِ السُّنَّة ُ: فيَسْقط ُ تأْوِيْلهُ لحدِيْثِ «لا تُشَدُّ الرِّحَال».

وَعَلى كلا الحاليْن ِ، فكلامُه غيْرُ مَقبُوْل.

وقَوْلُهُ بِعَدَمِ الاسْتِحْبَابِ تَسْلِيمٌ مِنْهُ أَنَّ هَذَا السَّفَرَ لَيْسَ بِعَمَلِ صَالِحٍ وَلَا قُرْبَةٍ وَلَا طَاعَةٍ وَلَا هُوَ مِنْ الْحَسَنَاتِ. فَإِذًا مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ السَّفَرَ لِزِيَارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ قُرْبَةٌ وَعِبَادَةٌ وَطَاعَةٌ فَقَدْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ.

وَإِذَا سَافَرَ لِاعْتِقَادِ أَنَّ ذَلِكَ طَاعَةٌ كَانَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. فَصَارَ التَّحْرِيمُ مِنْ جِهَةِ اتِّخَاذِهِ قُرْبَةً وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَحَدًا لَا يُسَافِرُ إلَيْهَا إلَّا لِذَلِكَ.

وَأَمَّا إذَا نَذَرَ الرَّجُلُ أَنْ يُسَافِرَ إلَيْهَا لِغَرَضِ مُبَاحٍ فَكَذَا جَائِزٌ وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ (١).

تاسعًا: جانَبَ المفتي الصوابَ في قوله إن السلفيين قد اصطدموا بقاعدة متفق عليها أن الوسائل تأخذ أحكام المقاصد، وفي قوله إنه لا يُعقَل أن يكون المقصد مندوبًا ووسيلته محرمة، ويقصد بذلك أن السلفيين مع أنهم يستحبون زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وزيارة قبور المسلمين بصفة عامة يحرّمون السفر لزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أو قبر الخليل إبراهيم أو قبر أي صالح.

ولبيان ذلك يقال:

إن قاعدة (الوسائل لها أحكام المقاصد) معناها أن الوسيلة تأخذ صفة الحسن أو القبح بناءً على ما يقصد بها صاحبها، ولكن هذه القاعدة مقيدة بما لا يخالف الشرع.


(١) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٧/ ١٨٨).

<<  <   >  >>