وهنا هذا السفر الذي هو وسيلة إلى مستحب - وهو زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وقبور الأولياء - اصطدم بالشرع حيث خالف حديث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ».
وبناءً على قول المفتي إن الوسائل تأخذ أحكام المقاصد، وإنه لا يُعقَل أن يكون المقصد مندوبًا ووسيلته محرمة»، نسأله:«ما رأيكم فيمن يسرق أموال المسلمين لبناء مسجد أو مساعدة مسكين؟».
هنا المقصد - بناء مسجد أو مساعدة مسكين - مندوب (مستحب)، فهل تأخذ السرقة حكم الاستحباب أيضًا أم تكون محرمة؟!!
إن المسلم إذا أراد أن يصل إلى غاية مشروعة فإن هذه الغاية يوصل إليها بعدة أنواع من الوسائل:
النوع الأول: أن تكون الوسيلة منصوصة من الشارع، فهنا لا إشكال فيها.
النوع الثاني: أن تكون ممنوعة بالنص من الشارع، فهنا لا إشكال في المنع منها.
النوع الثالث: أن تكون موافقة لأصول الشريعة العامة ولا تخالف شيئًا منها، فهنا لا إشكال فيها أيضًا.
النوع الرابع: أن تكون مخالفة لأصول الشريعة وقواعدها العامة، فهنا تمنع أيضًا.
النوع الخامس: أن لا يكون فيها نص أو معنى يدل على منع أو إباحة.
فهذا النوع الخامس هو الذي تطبق عليه قاعدة الفقهاء (الوسائل لها أحكام المقاصد) أي إذا كان المقصد مشروعًا فإن الوسيلة تكون مشروعة بالضوابط المذكورة سابقًا.