للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يأتمروا، أمرهم الثانية فلم يطيعوه، فدخل إلى الخيمة غاضبًا يخاف عليهم من عقاب الله، لأنّهم عصوا رسوله وأن ينْزل بهم ما نزل ببني إسرائيل وغيرهم من الأمم، فقال لأم سلمة رضي الله عنها الأمر، ففطنت أم سلمة رضي الله عنها إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم وهم لم يطيعوه لا معصية له وإنما لأنّهم يأملون ويطمعون أن ينْزل وحي أو أن يراجع الرسول نفسه، فيبقوا في إحرامهم فقالت له: يا رسول الله اخرج وانحر هديك واحلق رأسك فإذا رأوا ذلك فعلوا مثلك. نصيحة سياسية وتدبير سياسي من أم سلمة رضي الله عنها ففعل الرسول ذلك الفعل، فنحر هديه وحلق رأسه فلما رآه المسلمون قد فعل ذلك أيقنوا أن لا عمرة ما عاد يوصلوش مكة، خلاص النبي قد تحلل من إحرامه فقام كل واحد منهم إلى الآخر يحلق لأخيه بغضب وشدة، حتى كادوا يجرح بعضهم بعضًا وقاموا ونحروا هديهم.

فهذا تدبير سياسي صاحبته امرأة هي أم سلمة رضي الله عنها فمن حق المرأة أن تستشار في الأمر السياسي وفي الأمر العام للأمة، ومن حق المرأة أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وأن تسائل وأن تعترض على الحكام وأن تشكوا منهم، من حق المرأة أن تفتي إذا كانت عالمة وأن تتعلم وتعلم. وقد كان المسلمون يستفتون من أمهات المؤمنين، وقد وجدنا أكابر علماء المسلمين يدرسون على شيخات (١)، ويعطين إجازة لتلاميذهن، ويرى في سند المشايخ: "مشايخه: فلانة وفلان وفلان وفلانة".

فمن حق المرأة أن تفتي، بل إن المرأة قد حملت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكم


(١) لكن هل كوّنّ (مجلس الشيخات) السياسي.

<<  <   >  >>