وعلى كل حال فالحدود أحد الأحكام الشرعية التي طالما أكد علماء المالكية على أن على الحاكم المسلم إقامتها بشروطها المعتبرة:
قال ابن عطية في المحرر الوجيز (١/ ١٩٢): وإن الحكام وأولي الأمر فرض عليهم النهوض بالقصاص وإقامة الحدود.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٤/ ٣٩٦): حد الزاني حق من حقوق الله على الحاكم إقامته.
وذكر أبو عبد الله القرطبي في تفسيره (١/ ٢٧٠) من شروط الإمامة: أن يكون ممن لا تلحقه رقة في إقامة الحدود ولا فزع من ضرب الرقاب ولا قطع الأبشار والدليل على هذا كله إجماع الصحابة - رضي الله عنهم -، لأنه لا خلاف بينهم أنه لا بد من أن يكون ذلك كله مجتمعا فيه، ولأنه هو الذي يولي القضاة والحكام، وله أن يباشر الفصل والحكم، ويتفحص أمور خلفائه وقضاته، ولن يصلح لذلك كله إلا من كان عالما بذلك كله قيما به. والله أعلم.
وقال (١/ ٢٧١): وذلك أن الإمام إنما نصب لدفع العدو وحماية البيضة وسد الخلل واستخراج الحقوق وإقامة الحدود وجباية الأموال لبيت المال وقسمتها على أهلها.
وقال (١/ ٢٧١): لأنه قد ثبت أن الإمام إنما يقام لإقامة الحدود واستيفاء الحقوق وحفظ أموال الأيتام والمجانين والنظر في أمورهم إلى غير ذلك مما تقدم ذكره.
وقال كذلك (٢/ ٢٤٥): لا خلاف أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر، فرض عليهم النهوض بالقصاص وإقامة الحدود وغير ذلك.