وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري (١/ ١٢٥): وأهل السنة مجمعون على أن المتغلب يقوم مقام الإمام العدل في إقامة الحدود وجهاد العدو، وإقامة الجمعات والأعياد وإنكاح من لا ولي لها.
وقال (٨/ ٤٠٧) معلقا على قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا يقيمون الحد على الوضيع، ويتركون الشريف، والذي نفسي بيده، لو أن فاطمة فعلت ذلك لقطعت يدها»: قال المهلب: هذا يدل أن حدود الله لا يحل للأئمة ترك إقامتها على القريب والشريف، وأن من ترك ذلك من الأئمة فقد خالف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورغب عن اتباع سبيله.
وقال (٤/ ٥٠٠): ولا يمنع الحرم من إقامة الحدود عند مالك، واحتج بعض أصحابه بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة من القتل، وهذا القول أولى بالصواب. لأن الله تعالى أمر بقطع السارق، وجلد الزاني، وأوجب القصاص أمرا مطلقا ولم يخص به مكانا دون مكان، فإقامة الحدود تجب في كل مكان على ظاهر الكتاب.
وجعل أبو العباس القرطبي في المفهم (١٢/ ٨٩) من أسباب خلع الحاكم ترك إقامة قاعدة من قواعد الدين أو أباح المحرمات كترك إقامة الحدود قال: قوله: «على المرء المسلم السمع والطاعة». ظاهر في وجوب السمع والطاعة للأئمة، والأمراء، والقضاة. ولا خلاف فيه إذا لم يأمر بمعصية. فإن أمر بمعصية فلا تجوز طاعته في تلك المعصية قولا واحدا، ثم إن كانت تلك المعصية كفرا: وَجَبَ خَلْعُه على المسلمين كلهم. وكذلك: لو ترك إقامة قاعدة من قواعد الدين. كإقام الصلاة، وصوم رمضان، وإقامة الحدود، ومنع من ذلك. وكذلك لو أباح شرب الخمر، والزنى، ولم يمنع منهما، لا يختلف في وجوب خَلْعِه. فأما