الكمال بحسب ما يحتاج إليه من القواعد الكلية التي يجرى عليها ما لا نهاية له من النوازل.
ثم نقول: ثانيا: إن النظر في كمالها بحسب خصوص الجزئيات يؤدى إلى الإشكال والالتباس، وإلا فهو الذي أدى إلى إيراد هذا السؤال إذ لو نظر السائل إلى الحالة التي وضعت عليها الشريعة وهي حالة الكلية لم يورد سؤاله لأنها موضوعة على الأبدية وإن وضعت الدنيا على الزوال والنهاية.
وأما الجزئية فموضوعة على النهاية المؤدية إلى الحصر في التفصيل وإذ ذاك قد يتوهم أنها لم تكمل فيكون خلافا لقوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} وقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} الآية. ولا شك أن كلام الله هو الصادق وما خالفه فهو المخالف.
فظاهر إذ ذاك أن الآية على عمومها وإطلاقها، وأن النوازل التي لا عهد بها لا تؤثر في صحة هذا الكمال، لأنها إما محتاج إليها وإما غير محتاج إليها. فإن كانت محتاجا إليها فهي مسائل الاجتهاد الجارية على الأصول الشرعية، فأحكامها قد تقدمت. ولم يبق إلا نظر المجتهد إلى أي دليل يستند خاصة. وإما غير محتاج إليها فهي البدع المحدثات. إذ لو كانت محتاجا إليها لما سكت عنها في الشرع، لكنها مسكوت عنها بالفرض ولا دليل عليها فيه كما تقدم، فليست بمحتاج إليها. فعلى كل تقدير قد كمل الدين والحمد لله. انتهى.
وكان القضاة المغاربة يستدعون العلماء لأخذ رأيهم في النوازل. ترتيب المدارك (٥/ ١٥٥).