للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما أخذه عبد الحي الكتاني على عبد العزيز تبديله لأحكام الشرع، وتبديله قاعدة من قواعد الدين الخمسة، وهي الزكاة بالترتيب، مع إجماع الأمة على كفر من غيّر شيئا من معالم الدين وغير ذلك (١).

وبعد إقرار الضريبة دخل المغرب في أخطر أزمة مالية في تاريخه كانت السبب المباشر في الهيمنة الغربية عليه تمهيدا لاستعماره. فاقترض السلطان عبد العزيز في سنة ١٩٠٣ مبلغ ٢٢.٥ مليون فرنك فرنسي من فرنسا وانجلترا واسبانيا، ليعود سنة ١٩٠٤ ليقترض مبلغ ٦٢.٥ مليون فرنك، ليغرق البلاد في أزمة كبيرة (٢).

وغالب هذه الأموال كانت لتلبية حاجات السلطان المراهق من الألعاب والمبتكرات العصرية.

وقد كان السلطان عبد العزيز يخالط الانجليز مخالطة مريبة، وكانوا يقيمون سهرات لهو معه تصاحبها أشياء أخرى مريبة، وكان العامة أساؤوا به الظن كثيرا، فكثر بذلك القيل والقال، وظن الناس به الظنون، وحكى العبيد والخدمة المطلعين على تلك الأحوال بما يوجب النفور منه، حسبما أفاد المشرفي وهو مؤرخ رسمي (٣).


(١) مفاكهة ذوي النبل والإجادة (٢٣) طبعة حجرية ١٣٢٦/ ١٩٠٨ العامة. نقلا عن الوطنية في النثر المغربي (٩٧).
(٢) المغرب والاستعمار (٧٨).
(٣) الحلل البهية (٢/ ٢٧١). ... =
= ... كان السلطان عبد العزيز في بداية حكمه طفلا تستهويه الألعاب واللهو، التي كان يقضي فيها جل وقته. وقد حكى صديقه ومؤنسه غابرييل فير في كتابه في صحبة السلطان- المغرب (١٩٠١ - ١٩٠٥) من ذلك أشياء كثيرة وغريبة.
وكان السلطان قد اتخذ بطانة سوء يستشيرهم. وخاصة الداهية الإنجليزي ماك لين (٦٩) حتى أنه كان يستدعيه في ساعة متأخرة من الليل لاستشارته (٧٥).
وقد عمل ماك لين على تسلية السلطان. (٧٤) وجلب خمسة إنجليز آخرين لمساعدته في مهمته العسكرية بتدريب قوات المخزن (٧٧).
وكان الصحفي والتربارتون هاريس من مخبري المفوضية الأوربية (٧٨) هو الذي أشار على السلطان بإحداث ضريبة عامة على المواطنين، فاستحسنها السلطان (٨٠).
كل هذا والمغرب يمر بأكبر أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية، ويتربص به الطامعون من كل جانب.

<<  <   >  >>