على مستوى الدلالة المباشرة أو الدلالات المختزنة ضمن تلافيف طبقات معانيه العديدة المترسبة بفعل الزمان.
وقبل أن نختم هذه المقدمة لابد من التأكيد على الحقائق التالية:
الأولى: إذا كانت العلمانية حلا لمشاكل المجتمعات الغربية فإنها لما قطعت عن سياقها وشروطها أصبحت هي نفسها جزءا من المشكلة في المجتمعات العربية والإسلامية، بل هي المشكلة ذاتها، لأن الظروف غير الظروف والشروط غير الشروط والذهنيات مختلفة والحضارة مختلفة.
فلم نجن منها إلا البطالة والفقر والظلم والاستبداد ولم تنجح العلمانية في إخراجنا من تخلفنا، بل زادته عمقا وتعقيدا.
ولطالما سوق الإعلام الغربي والعربي والمغربي نموذج تونس باعتباره نموذجا علمانيا ناجحا واعدا. فجاءت الثورة البوعزيزية لتكشف الغطاء عن التضليل الإعلامي والضلال العلماني: دولة استبدادية قمعية بوليسية وتدهور اجتماعي وفساد إداري، والقائمة طويلة.
وطالما هتف العلمانيون بنموذج تركيا، التي لم تحس بنعمة الرفاهية والتقدم إلا في ظل حكم العدالة والتنمية الإسلامي.
قال أركون عن التجربة العلمانية التونسية: إنها تستحق أن تُستعار وتُقلد وتُعمم وتُرسَّخ في مجمل بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط (١).